إن إيمان محمد هيكل سَوَّلَ له أن يزعم في كتابه " حياة محمد ": ص ١٩٣، أن الإسراء والمعراج كان بالروح وهو ما أوردته بعض الإسرائيليات، متجاهلين قول الله تعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً}[الإسراء: ١]، فهذا التعجب لبيان قدرة الله لا يكون للإسراء بالروح بل بمعجزة خارقة لنواميس الكون، ففي نفس السورة طلب المشركون من النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يفجر لهم من الأرض ينبوعًا أو يرقى إلى السماء ويأتيهم بكتاب، فكان جواب الله تعالى:{قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَرًا رَسُولاً}[الإسراء: ٩٣]، فسبحان تكون للقدرة الإلهية أي للمعجزات الحسية الخارقة، فضلاً عن أن لفظ «عَبْدِهِ» لا يكون للروح فقط فالله يقول: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ}[الفرقان: ١]، فلم ينزل القرآن على الروح فقط.
وإذا كان الأعرابي قد وجد في مخالفة الإجماع شهرة (كاذبة)، فإن الباحثين الأوروبيين في نقدهم لمسرحية الكوميديا الإلهية لمؤلفها أليجييري دانتي الذي تخيل أنه رحل للسماوات ومعه دليل، فرأى الجنة والنار ووصف ذلك، قالوا: لقد أخذ ذلك عن رحلة الإسراء والمعراج لرسول الإسلام، قال ذلك الإسباني آسين بلاثيوس سنة ١٩٤٩، فطلبوا منه دليلاً ماديًا على ترجمة هذه القصة إلى لغتهم، فجاء سنة ١٩٤٩ من يثبت ذلك فنشر الإيطالي أنريكو أنشرولي الترجمة اللاتينية والفرنسية لحديث المعراج والتي نقلها من العربية أبراهام الحكيم بأمر من الملك ألفونس العاشر في القرن الثالث عشر للميلاد وأضاف إليها ترجمة إسبانية مع الشواهد على معرفة أوروبا لهذه الترجمات قبل أن يولد دانتي بسنة، كما نشرته هذه الترجمات بشروح وتعليقات الأستاذ مينوز ساندينوا.
فالباحثون الأوروبيون لا يشكون في رحلة الإسراء والمعراج كما وردت في الحديث النبوي بشرح محيي الدين بن عربي، أما الأعراب فمنهم من يجادل في آيات الله ترديدًا للأكاذيب أو ظنًا أن ذلك ما يقبله الأوروبيون.