للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معاوية، ليس من هذا القبيل بل هو اجتهاد أدى أن تقف كل فئة لتدافع عما تعتقد أنه الحق. وهذا لم يقترن بنية قتل أحد بذاته والحرص على ذلك.

كما أن هنالك فَرْقًا شاسعًا بين تعمد المسلم قتل أخيه في الإيمان بغير سبب مشروع، وبين الموقف الذي أدى إلى خروج الإمام عَلِيٍّ لرد البغاة الذين خرجوا على الخلافة وشهروا سلاحهم ضد أمير المؤمنين.

وهنالك فرق شاسع بين قتال المسلم عن عرضه ونفسه ودينه وماله وبين قتل المسلم أخاه المسلم بغير سبب شرعي فقد ورد في الحديث الشريف: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ». رواه " البخاري " و" مسلم "، كما جاء في الحديث: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»، رواه أبو داود والترمذي.

فهذه أنواع من القتال المشروع بموجب هذه النصوص، ولا يوجد أي مظهر من مظاهر التعارض النظري بين هذه الأحاديث حتى نقول إن حديث: «إِذَا التَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا» قد خصصه حديث الشهادة، أو خصصته آية {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: ٩] (١).

إن قتال الإمام علي لمن خرجوا على إمامته له أحكام أخرى وردت في باب الإمامة والإمارة، وهي لا تدخل تحت مدلول «إِذَا التَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا» فضلاً عن أن تبشير الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للإمام عَلِيٍّ والخلفاء الأربعة وستة آخرين بالجنة، أمر آخر هو إخبار بالغيب ومن أول شرائط الإسلام الإيمان بالغيب الذي يرد في القرآن والسنة، فمن رَدَّ ذلك أو شك فيه فقد كفر لأنه يَرُدُّ القرآن والسنة وهما من عند الله تعالى الذي قال: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠].


(١) جاء في " مذكرة حزب التحرير ": «إن هذه الآية خصصت كلمة القاتل والمقتول في الحديث» (ص ٢٦).

<<  <   >  >>