للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - من هذا يتضح تجاوز الدكتور عمارة حدود الاجتهاد في آيات القرآن الكريم بما زعم من أن النصارى الذين لا يؤمنون بالقرآن قد شهد القرآن لهم بالرضوان والمغفرة وأنهم أهل الجنة استنادًا إلى قول الله تعالى: {فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ} [المائدة: ٨٥]، والآية لم تحكم لهم جميعًا بهذا الثواب بل للذين صدقوا النبي.

كما فسر الدكتور عمارة آيات سورة المائدة السابق ذكرها فزعم أن قول الله: {مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الحَقِّ} [المائدة: ٨٣]، يراد به ما ورد في الإنجيل الموجود بين أيديهم وقت نزول الآيات وهو الإنجيل الوارد به عقيدة التثليث التي قال الله تعالى عنها: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ} [المائدة: ٧٣].

٦ - وهذا يؤدي إلى إغفال ما يبين أن هذا الحق هو القرآن لأنه مسبوق بقول الله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} [المائدة: ٨٣]. فالحق الذي عرفوا هو الذي سمعوا وهو ما أنزل الله إلى الرسول وهو القرآن وليس الإنجيل كما زعم الشيخ الوضاع.

وقولهم: {وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ} [المائدة: ٨٤] مرتبط بما سمعوه من القرآن، فالإيمان هنا هو الإيمان بالقرآن والنبي وليس الإيمان بالإنجيل المحرف وما به من عقيدة التثليث.

٧ - إن الاجتهاد الذي تجاوز الأصول هو الزعم بأن الثواب لجميع النصارى وهو يعلم أن الله أثابهم على هذا الإيمان جنات خالدين فيها، ولو كان هذا الجزاء هو لإيمانهم بما جاء في كتبهم لكان هذا معارضًا صراحة لسياق هذه الآيات لأن ما جاء قبلها وبعدها يؤكد كفر أصحاب عقيدة التثليث وأن مصيرهم النار، وبالتالي فإن الجزاء الجديد وهو الجنة كان لشيء آخر غير الإيمان بهذه الكتب ألا وهو الإيمان بما سمعوه من النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ

<<  <   >  >>