لقد أورد ابن القيم فصلاً في كتابه " هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى "، تضمن من آمنوا بالنبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من رؤساء اليهود والنصارى فاختاروا الإسلام عن رغبة ولقد كان النجاشي ملك الحبشة أعلم النصارى بدينهم وكان عدي بن حاتم من كبار الرؤساء بل إنه الرئيس المطاع في قومه وكذا كان سلمان الفارسي من أعلم النصارى بدينهم، وقد أسلم هؤلاء كما أسلم غيرهم من اليهود والنصارى ولم يتطرق إلى أحدهم شيئًا مما يقول به بعض أصحاب النظرية الثالثة الذين يعلمون أن رسالة محمد - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هي دعوة جميع الرسل قبله، فالمكذب بها مكذب بدعوة الرسل كلهم كما صرح القرآن الكريم بذلك في آخر سورة البقرة، والغريب في أصحاب هذه النظرية أنهم يعلمون أيضًا أن اليهود ينكرون رسالة عيسى أيضًا وينتظرون أصحاب هذه النظرية أنهم يعلمون أيضًا أن اليهود ينكرون رسالة عيسى أيضًا وينتظرون مسيحًا آخر هو المسيح الدجال، والنصارى يؤمنون بمسيح زعموا أنه الله نزل إلى الأرض في صورة ابن وأنه ثالث ثلاثة، وهذا المسيح لا وجود له ولا يقبل به أي عقل سليم.
وأخيرًا فهم لا ينكرون ما رواه مسلم في " صحيحه " أن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«وَالذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ».
وهذا كله يؤكد أن أصحاب هذه النظرية قد ردوا صريح السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ زاعمين أن أحاديث الآحاد لا يعمل بها في العقائد وهو ما تم بيان زيفه وبطلانه، بدليل أنهم قد صرفوا حكم القرآن الكريم في اليهود والنصارى على النحو سالف الذكر.