للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنه لو أمكن ذلك فلا معنى للقول بالنسخ مثل «شَرُّ الشُّهُودِ مَنْ شَهِدَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ»، وحديث «خَيْرُ الشُّهُودِ مَنْ شَهِدَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ» فلم ينسخ أحدهما الآخر، فالأول خاص بالقرون المتأخرة حيث يكثر الفساد والثاني خاص بالقرون الأولى أو بمن شهد لوجود الحاجة الماسة إلى الشهادة، وهذ تفسير يظهره حديث رواه عمران بن الحصين عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ القَرْنُ الذِينَ بُعِثْتُ فِيهِمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» (*)

«إِنَّ خَيْرَكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ... ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ ... » (١) (**).

شُبُهَاتٌ حَوْلَ النَّسْخِ وَالتَّخْصِيصِ:

لقد شنع الأخ سلامة جبر على الكتاب لأنه رجح القول بالتخصيص في حديث «شَرُّ الشُّهُودِ» وفي استثناء غير المدخول بها الوارد في الصفحة السابقة، ولا خلاف على أن آية الأحزاب قطعت بإعفاء المطلقة قبل الدخول من حكم العدة الوارد في سورة البقرة، ولا خلاف في أن حديث «شَرُّ الشُّهُودِ» خاص بمن حركته الأهواء في الشهادة وفي أن حكم النسخ هو إبطال العمل بالنص المنسوخ، والناقد لا يملك القول بنسخ الإقراء للمطلقات كلهن وكذا الأمر في خير الشهود، ومن ثم يكون النص الجديد استثناء لبعض أفراد النص الأول والخلاف هل يوصف بأنه نسخ أم تخصيص؟ والناقد يصر على أنه نسخ وأن القول بالتخصيص جهل


(١) " الاعتبار ": ص ٩، " صحيح الجامع الصغير ": ص ٤٣، " صحيح مسلم ": ٧/ ١٨٦.
لقد وزع الأستاذ محمد سلامة جبر مذكرة على الناشرين في الكويت وعلى من يرى أنهم أهل الرأي والعلم تضمنت اعتراضه على أن ينشر مثلي كُتُبًا إسلامية لعدم تخصصي أمام تخصصه كخريج لكلية الدراسات الإسلامية ومدرس بالمرحلة المتوسطة، وقد اعتذرت عن الحوار معه كطلب الأستاذ صلاح شادي عن دار الشعاع لاعتقادي أن هذا النقد المقترن بالألفاظ الجارحة، لا يتصل بالكتاب الذي مضى على نشره ست سنوات ونفذت طبعتين منه، وإنما يتصل بشدة حواري معه عن كتيبه " خصائص الأنوثة " حيث جعل منها أمورًا ليست خصائص للأنثى وليست حكمًا عامًا في الشريعة كنقص العقل، ولكن أمام إصرار الأستاذ صلاح قبلت الحوار معه ومع من دعاهم كعلماء وأفرغ هذا الحوار في محضر بمعرفتهم وبتوقيعهم يوم ٩/ ٥/ ١٩٨٢ م، وعلى الرغم من أنه قد تأكد له عدم مخالفتي الإجماع في المسائل التي تناولها، وعلى الرغم من أنه طلب أجلاً غير مسمى لبحث باقي المسائل وهي أربعة، إلا أنه توصل إلى نشر مذكرته في جريدة السياسة يوم ٢٠/ ٨ / ١٩٨٢ م، وتعمد إغفال ردي الثابت بالمحضر سالف الذكر مما جعل الناشر يرسل هذا المحضر إلى الجريدة التي نشرته يوم ٢٧/ ٧ واعتذرت عن الخطأ الذي أوقعها فيه وللمهاترات التي =

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) " الجامع الصحيح " للإمام مسلم، تحقيق وترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، (٤٤) كتاب فضائل الصحابة (٥٢) باب فضل الصحابة، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم،، حديث رقم (٢١٥) ٢٥٣٥، ٤ / ص ١٩٦٥، الطبعة الثانية: ١٩٧٢ م، نشر دار إحياء التراث العربي. بيروت - لبنان.
(**) المصدر السابق: حديث رقم (٢١٤) ٢٥٣٥، ٤/ ١٩٦٤.

<<  <   >  >>