للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما يؤكد أن الصحابة كانوا إذا قالوا أن الحكم قد ورد في القرآن أو في كتاب الله، لا يفرقون بين ما ورد في السنة النبوية لأن كلاهما وحي من الله، ما أورده الشوكاني عن الجماعة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَ [زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُمَا قَالاَ: إِنَّ رَجُلاً مِنَ الأَعْرَابِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلاَّ قَضَيْتَ لِي بِكِتَابِ اللَّهِ ... فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْ، قَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا [عَلَى] هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، [وَإِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ، وَوَلِيدَةٍ، فَسَأَلْتُ أَهْلَ العِلْمِ، فَأَخْبَرُونِي] أَنَّمَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، ... وكان مما قاله: «عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ» كما قال: «اغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» (١) (*).

ومن هذا يتبين أن رواية: «الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا البَتَّةَ»، ليست من القرآن الكريم حتى لو قال الصحابي أن هذا الحكم كان في القرآن الكريم، ولأن القرآن الكريم حتى لو قال الصحابي أن هذا الحكم كان في القرآن الكريم، ولأن القرآن إنما يثبت بالتواتر ولم يثبت هذا في القرآن الكريم.

كما يتبين خطأ من زعم أن القرآن فيه تحريف لأن آية الرجم لم تدون به، أو لأن الصحابة أخذوا بحديث: «لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» وتركوا حكم القرآن في ذلك، وجوهر الخطأ هو أنه لا توجد آية للرجم كما أوضحت، أما تخصيص السنة لعموم بعض آيات القرآن الكريم كحصر الوصية في غير الوارثين وتخصيص القراءة في الصلاة بسورة الفاتحة في كل ركعة، فذلك وغيره ليس تحريفًا للقرآن كما يزعم الجاهلون أو المجادلون بالباطل، وهذا مفصل بالفصل السابع.


(١) " نيل الأوطار " للإمام محمد بن علي الشوكاني: ج ٧ ص ٨٦.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) انظر " فتح الباري بشرح صحيح البخاري "، ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، (٥٤) كِتَابُ الشُّرُوطِ (٩) بَابُ الشُّرُوطِ الَّتِي لاَ تَحِلُّ فِي الحُدُودِ، حديث رقم ٢٧٢٤، ٢٧٢٥، ٥/ ٣٢٣، طبعة سَنَةَ ١٣٧٩ هـ، نشر دار المعرفة - بيروت.

<<  <   >  >>