للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغيرهما عن قتلى المشركين في بدر. وانتهى من هذا إلى أن أصحاب النبي يُكَذِّبُونَ بعضهم بعضًا في الأحاديث النبوية كما جاء في تحقيق أبي رية في كتابه " أضواء على السنة المحمدية " وهو كتاب قد حَرَّفَ الروايات والأحاديث.

ورواية " البخاري " و" مسلم " وسائر كتب السنة ليست فيها الرواية سالفة الذكر، وأم المؤمنين عائشة لَمْ تُكَذِّبْ " البخاري " و" مسلم " كما يحلو للمؤلف أن يوهم القارئ بذلك.

بل كتب الحديث فيها أن عائشة استدركت على بعض الصحابة عند روايتهم هذين الحديثين أي قبل أن توجد كُتُب السنة، وبالتالي دَوَّنَ البخاري ومسلم هذا وهو الحديث رقم ٥٣٦ كما جاء في كتاب " اللؤلؤ والمرجان ":

«عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: تُوُفِّيتْ ابْنَةٌ لِعُثْمَانَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بِمكَّةَ، وَجِئْنَا لِنَشْهَدَهَا، وَحَضَرَهَا ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَإِنِّي لَجَالِسٌ بَيْنَهُمَا ... فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، لِعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ: أَلاَ تَنْهَى عَنِ البُكَاءِ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ) فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " قَدْ كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَقُولُ بَعْضَ ذلِك».

ثم ختم الرواية بقول ابن عباس: «فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ذَكَرْتُ ذلِكَ لِعَائِشَةَ، فَقَالَتْ: رَحِمَ اللهُ عُمَرَ، وَاللهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللهَ لَيُعَذِّبُ المُؤمِنَ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ)؛ وَلكِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ اللهَ لَيَزِيدُ الكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ) وَقَالَتْ: حَسْبُكُمُ القُرْآنُ {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (١) [قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، عِنْدَ ذلِكَ: " وَاللهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى "]، قَالَ ابْنُ أُبِي مُلَيْكَةَ: " وَاللهِ مَا قَالَ ابنُ عُمَرَ شَيْئًا "».

فالبخاري ومسلم بهذا رويا أن ابن عمر كان يحدث عن النبي قوله: «إِنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» ورويا استدراك عائشة وتوضيحها لنص الحديث وهو: «إِنَّ اللهَ لَيَزِيدُ الكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ».

كل ذلك كان في حياة الصحابة وفي فترة جمع الحديث النبوي وتمحيص


[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(١) [سورة الأنعام، الآية: ١٦٤]، [سورة الإسراء، الآية: ١٥]، [سورة فاطر، الآية: ١٨]، [سورة الزمر، الآية: ٧].

<<  <   >  >>