للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد طالب بعضهم إخضاع الحديث للتجارب الطويلة والتحاليل الطبية لنعلم صحة نسبته إلى النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولقد نقل أحدهم حديث «الكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ» ثم قال: «فهل اتجهوا في نقد الحديث إلى امتحان الكمأة، وهل فيها ترياق؟ نعم إنهم رَوَوْا أن أبا هريرة قال: " أَخَذْتُ ثَلاَثَةَ أَكْمُؤٍ أَوْ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا فَعَصَرْتُهُنَّ فِي قَارُورَةٍ وَكَحَلْتُ بِهِ جَارِيَةً لِي عَشْمَاءُ فَبَرَأَتْ" ولكن هذا لا يكفي لصحة الحديث، فتجربة جزئية [نَفَعَ فيها شيء مرة] لا تكفي منطقيًا لإثبات الشيء في [ثبت الأدوية]، [إنما الطريقة] أن تجرب مِرَارًا، وخير من [ذلك] أن تحلل» (١) (*).

إن هذا الحديث قد رواه " البخاري " و" مسلم " وسنده لا يتطرق إليه الشك حتى نتوقف في قبوله على النتائج العملية أو التجارب الفردية.

فضلاً عن أن الأطباء الأقدمين قد أكدوا أن ماءها مفيد للبصر (٢). أما الطب الحديث فإنه في معامل موسكو، قام مدير مستشفى الرمد بالمنوفية وهو الدكتور المعتز بالله محمد مراد المرزوقي وأجرى أبحاثًا على الكمأة فثبت أنها تعالج الرمد الحبيبي (التراكوما) وهو مرض يؤهل لالتهاب تقيحي يساعد على العمى.

ولكن الكاتب يريد أن يجعل الحديث النبوي رهن تجارب أشخاص يخطئون أكثر مما يصيبون حتى يصلوا إلى الحقائق بعد كثير من الضحايا.

وكان أجدر بهؤلاء أن يرجعوا إلى الأسباب التي اتفق علماء الحديث على أنها وسيلة رد متن الحديث دون أن يبتدعوا أسبابًا ليست قطعية ولا يقينية، أو أن يجعلوا العقل البشري حكمًا على الكتاب والسنة النبوية.


(١) " ضحى الإسلام ": جـ ٢ ص ١٣١.
(٢) " الهدي النبوي " لابن القيم: جـ ٣ ص ١٨١.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) ما بين [ .... ] للتصحيح، رجعت فيه إلى كتاب " ضحى الإسلام " لأحمد أمين: ٢/ ١٣١، طبعة سنة ١٩٩٨ م، الهيئة المصرية العامة للكتاب.

<<  <   >  >>