للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِي طَائِفَةٍ كَبِيرَةٍ مِنْه إِنَّمَا هُوَ اِمْتِدَادٌ لِلْحُرُوبِ الصَّلِيبِيَّةِ» ثم يقول: «المُسْتَشْرِقُونَ لَهُمْ صِبْيَانٌ مَعْرُوفُونَ، إِنَّ لَهُمْ صِبْيَانًا تَابِعِينَ مُقَلِّدِينَ».

فالمستشرقون وأتباعهم هم الذين يشككون في السنة فقد كذب اليهودي (جولدتسيهر) على الإمام الزهري فنقل عنه: «إِنَّ [هَؤُلاَءِ] الأُمَرَاءِ أَكْرَهُونَا عَلَى كِتَابَةِ أَحَادِيثَ» بينما ما قاله الزهري هو: «إِنَّ [هَؤُلاَءِ] الأُمَرَاءِ أَكْرَهُونَا عَلَى كِتَابَةِ الأَحَادِيثَ» (١) أي على تدوين السنة النبوية.

فتحريف جولدتسيهر جاء أكثر دقة من تحريف أبي رية، فقد اكتفى (تسيهر) بحذف الألف واللام من كلمة (الأَحَادِيثَ) لتصبح (أَحَادِيثَ) فيختلف المعنى دون أن يشعر المسلم، اللهم إلا من أمعن النظر في المعنى ورجع بدقة إلى أصل الكلام للزهري، وهذا ما فعله الدكتور مصطفى السباعي - رَحِمَهُ اللهُ -.

فالتعريف لكلمة الأحاديث تفيد أن الإكراه وقع على كتابة الأحاديث النبوية أي على تدوينها، لأن الزهري كغيره ممن دونوا السنة كانوا يتحرجون من التدوين لأن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان قد نهى عن كتابة السنة وقال: «لاَ تَكْتُبُوا [عَنِّي]، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ» رواه " مسلم ". ولقد أراد النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك حفظ خاصية الإعجاز للقرآن فمنع التدوين العام للسنة. ولكن الأمراء لما وجدوا أن السنة قد دخل عليها ما ليس منها بفعل الملحدين والمنافقين ووجدوا أن القرآن جمع وكتب وقد حفظ ومن ثم لا خوف أن يختلط بالسنة، أمروا بكتابة الأحاديث النبوية فجاء الخلفية عمر بن عبد العزيز وأمر [ابن] (*) شهاب الزهري بمباشرة هذه المهمة، فسجل الزهري ذلك، فيقول: «إِنَّ [هَؤُلاَءِ] الأُمَرَاءِ أَكْرَهُونَا عَلَى كِتَابَةِ الأَحَادِيثَ» فأتى (جولدتسيهر) فَحَرَّفَ الكلمة ونقلها: «أَكْرَهُونَا عَلَى كِتَابَةِ أَحَادِيثَ». وهذا يقلب


(١) كتابه " السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ": ص ٢٢١.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري وليس طارق بن شهاب كما ورد في الكتاب المطبوع.

<<  <   >  >>