للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ادْنُهْ] , فَدَنَا , فَقَالَ: " أَرَأَيْتَ لَوْ وُكِّلْتَ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ إِلَى القُرْآنِ أَكُنْتَ تَجِدُ فِيهِ صَلاَةَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَصَلاَةَ العَصْرِ أَرْبَعًا وَالمَغْرِبَ ثَلاَثًا؟ , تَقْرَأُ فِي اثْنَتَيْنِ , أَرَأَيْتَ لَوْ وُكِّلْتَ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ إِلَى القُرْآنِ أَكُنْتَ تَجِدُ الطَّوَافَ بِالبَيْتِ سَبْعًا وَالطَّوَافَ بِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ , ثُمَّ قَالَ: أَيْ قَوْمُ خُذُوا عَنَّا فَإِنَّكُمْ , وَاللَّهِ إِلاَّ تَفْعَلُوا لَتَضِلُّنَّ ". فالقرآن أحكم ذلك والسنة تفسر ذلك (١) والقرآن الكريم قد أمر بالعمل بالسنة النبوية، قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ} (٢)، وقال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النساء: ٥٩]. وفي هذا قال ابن حزم: «القُرْآنُ وَالخَبِرُ الصَّحِيحُ [بَعْضُهَا] مُضَافٌ إِلَى بَعْضٍ وَهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ فِي أَنَّهُمَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ» (" الأحكام ": جـ ١ ص ٨٨).

ولهذا نفى الله الإيمان على من ينكر سنة النبي وحكمه، فقد قال - عَزَّ وَجَلَّ -: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥]. من أجل ذلك قال الإمام الشوكاني (٣): بـ «ثُبُوتِ حُجِّيَّةِ السُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ وَاسْتِقْلاَلَهَا».

فالقرآن والسنة هما المصدران الرئيسيان للشريعة الإسلامية، أما الإجماع والقياس وغيرهما من المصادر الأخرى فهي ليست مصادر مستقلة، فلا يؤخذ منها الحكم لأنها بذاتها واجبة الاتباع، بل هي طرق للتعبير وبناء الحكم من المصدر وهو الكتاب والسنة، وهي لا تنشئ حكمًا بل تكشف عنه.

ولقد أشرت إلى هذا في الفصل الثامن عن الإجماع والنسخ.


(١) كتاب " الحديث النبوي " للأستاذ محمد الصباغ: ص ٢٠.
(٢) [الحشر: ٧].
(٣) " إرشاد الفحول " للإمام محمد بن علي الشوكاني: ص ٢٩.

<<  <   >  >>