الرواية، والابتعاد عن الرُواة غير المشهود لهم بحسن السيرة وصدق الرواية، ونحو ذلك من دلائل ضعف الراوي المُوجبة لعدم الاعتماد على الحديث الذي روي عن طريقة. وهذا ما قد انفرد به علماء الإسلام في كل ما روي عن نبيِّهِم - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وبعد فهذه أمثلة قليلة جداً مما كتبه المنصفون من غير المسلمين في بحوثهم وكتبهم، وقد يكون ذلك بدافع التجرد في البحث العلمي، أو لأنه ليس من الحكمة الطعن في أمر هو في الواقع من المسائل الظاهرة التي يعجز الجميع عن الطعن فيها، وقد يكون التجرد عن العصبية وراء هذه الكتابات.
وأيّاً كانت الدوافع لهذه الكتابات، فهي ليست تملُّقاً للمسلمين، لأنها قد كتبت في فترات ضعفهم وتخلُّفهم وزوال سلطانهم وقوتهم، ولا يبقى إلاَّ أنْ يدرك هؤلاء المسلمون الذين تركوا السُنَّة النبوية أنه لا محل لهذه الشُبهة عند غير المسلمين، وأنَّ كل مسلم يدرك أنَّ من ردَّ الحديث النبوي أو حُكماً من أحكامه يبعد المسلم عن دار الإسلام، ولهذا حارب الخليفة الأول من ردَّ حُكم الزكاة أو امتنع عن أدائها ولم يُفرِّق بين الصلاة والزكاة، لأنَّ الله تعالى لم يُفرِّق بين الشعائر التعبُّدية وبين الشرائع القانونية الاقتصادية، إذ أوحى إلى نبيِّهِ كما جاء في القرآن الكريم {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}[الأنعام: ١٦٢، ١٦٣].
ولم يفرِّق بين القرآن والسُنَّة في الأحكام فقال تعالى:{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}[المائدة: ٩٢] و [التغابن: ١٢] وقال: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}[النساء: ٨٠].
والالتزام بما ورد في القرآن والسُنَّة دون تفرقة بينهما مجمع عليه في الماضي والحاضر. قال الأستاذ محمد العفيفي في كتابه " مقدمة في تفسير الرسول للقرآن الكريم " ص ٥: