إن الإسلام قد صحح الانحرافات التي مارسها كثير من رجال الدين من أهل الكتاب حيث زعموا أن بيدهم صكوك الغفران والحرمان فجاء القرآن وأبطل اختصاص هؤلاء بالتحليل والتحريم. فهل تعود هذه الانحرافات مرة أخرى تحت اسم جديد هو حكم العقل؟. إن العقل لا يصدق أن يرد عالم البصر للأعمى أو يحيي الموتى ولكن القرآن قد أخبر أن نبي الله عيسى فعل ذلك فصدقنا ذلك وقبلناه لا بحكم العقل بل بالإيمان بصدق القرآن.
والإيمان بصدق النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو الذي يجعلنا نقبل الأحكام التي جاء بها عن طريق السنة أو القرآن.
كما أن عقول الأوربيين تحسن الزنا وتراه أمرًا عاديًا وليس جريمة في حق المجتمع، فهل تصبح هذه العقول حكمًا على سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سواء نطق بهذا الحكم شخص غير مسلم أو نطق به مسلم بلسانه لكنه أوروبي بعقله وبيانه.
إن مشاعر أصحاب هذه العقول لا تحكم على الله ورسوله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا. إن مشاعر ملايين من البشر في روسيا قد تقبل أن يقتل السارق ولكنها لا تقبل أن تعاقب الزوجة الزانية بأدنى العقوبات، ومشاعر دعاة الحرية الجنسية ترى أن الرجم عقوبة شنيعة بينما رجم القرى والمدن بأهلها بوابل من القنابل في لبنان وفلسطين وأفغانستان وإرتريا وكشمير وتشاد والفلبين لا يعد أمرًا شنيعًا أو ماسًا بمشاعر الناس، ومع هذا يصبح من الاجتهاد في شرع الله أن يقال إن اعتراض هؤلاء على عقوبة الزنا نقد غير مرفوض من وجهة نظر الشريعة نفسها حسبما يزعم الشيخ متجاهلاً أن الطب أثبت أن الزنا يضر بالفرد والمجتمع.
ثم من هو الذي يملك أن يتحدث وحده باسم الشريعة ليقول: إن هذا النقد مقبول من وجهة نظر الشريعة. إن الشريعة الإسلامية لا تعبر عن مشاعر الجماهير المتطورة بتطور العصر، فهذه المشاعر تحل الزنا والخمر والقتل الجماعي وغير ذلك من الموبقات والمهلكات، وقد جاء الإسلام لتحكم نصوصه من قرآن