يلحظ المتأمِّل في تراث أمتنا بجلاء مدى اعتناء المصنفين ببيان مناهجهم وشروطهم في مقدمات مصنفاتهم والتي تعين الناظر فيها على تلمُّس أسلوب المصنف وطريقته في كتابه.
بَيْد أن المصنفين يختلفون في كمية المعلومات التي يطرحونها للقارئ في مقدمات أعمالهم، فَمِن مُقِلٍّ ينبه على نزر يسير من ذلك، وبين مستكثر يأتي في مقدمته على جُلِّ المسائل التي تبين شرطه ومنهجه في كتابه، وبين متوسط يذكر شيئاً من ذلك في مقدمته تاركاً الفرصة للقارئ في تلمس ما تبقَّى من ملامح منهجه في كتابه، وعلى هذا النسق الأخير جاء كتاب «الثقات» للحافظ ابن قطلوبغا حيث وضع لنا في مقدمة كتابه خطوطاً عريضة حول شرطه ومنهجه في كتابه تُعيننا على الولوج إلى خبايا زواياه واكتشاف مكنونه.
لذا فقد رأيت أن الطريق الأنسب للتعريف بهذا الكتاب هو البدء بالكلام على المسائل التي طرقها المصنف نفسه في مقدمة كتابه وتفصيل الكلام عليها ومن ثَمَّ الانتقال من خلالها إلى تلك التي لم يطرقها ولم يبينها في كلامه.