أو يكون في الإسناد رجلٌ مدلسٌ لم يُبَيِّنْ سماعَه في الخبر مِن الذي سمعه منه، فإن المدلِّسَ -وإن كان ثقة- ما لم يُبَيِّنْ سماعَه، لا يجوز الاحتجاج بذلك الخبر.
وربما أذكر في هذا الكتاب الشيخ بعد الشيخ وقد ضعفه بعض أئمتنا ووثقه بعضهم، فمن صَحَّ عندي منهم أنه ثقة بالدلائل النيِّرة التي بينتُها في كتاب «الفصل بين النقلة» أدخلته في هذا الكتاب؛ لأنه يجوز الاحتجاج بخبره، ومن صح عندي منهم أنه ضعيف بالبراهين الواضحة التي ذكرتها في كتاب «الفصل بين النقلة»، لم أذكره في هذا الكتاب، لكني ذكرته في كتاب «الضعفاء»[٢ - أ]؛ لأنه لا يجوز الاحتجاج بخبره.
فكل من ذكرته في كتابي هذا إذا تعرَّى خبرُه عن الخصال التي ذكرتها فهو عَدْل يجوز الاحتجاج بخبره؛ لأن العَدْلَ مَنْ لم يُعرف منه الجرح؛ إذ الجرح ضد التعديل، فمن لم يُعرف بجرحٍ فهو عدل حتى يبين ضده؛ إذ لم يكلَّف الناس من الناس معرفة ما غاب عنهم، وإنما كُلِّفوا الحكم بالظاهر من الأشياء عند المغيَّب عنهم. انتهى.
قلت: فعن هذا تَصَدَّيْتُ لكتابه، وعن هذا قيل: إنه قد يذكر المجهول إذا روى عنه ثقة ولم يُجرح، ولم يكن الحديث منكراً، وقيل: إن مَنْ كان بهذه الصفة فهو حجة عند النسائي أيضاً، وإن من ارتفع عنه اسم الجهالة برواية اثنين عنه ولم يُعرف فيه مقالٌ يكون حديثه حسناً.