للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دائم الصوم، كثير الإيثار، كان يصلي كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، دُعِيَ إلى أن يقول: لفظي بالقرآن مخلوق فأبى، فَمُنِعَ من التحديث بدمشق، فسافر إلى مصر، فأقام بها إلى أن مات سنة ستمائة.

وقال تاج الدين الكندي: رأيت ابن ناصر والحافظ الهَمَذَاني وغيرهما من الحفاظ، فما رأيت أحفظ من عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي.

وقال ابن النجار (١): حدث بالكثير، وصنف تصانيف حسنة في الحديث، وكان غزير الفضل، من أهل الإتقان والتجويد، قَيِّماً بجميع فنون الحديث، عارفاً بقوانينه وأصوله، وعلله، وصحيحه وسقيمه، وناسخه ومنسوخه، وغريبه، ومشكله، وفقهه ومعانيه، وضبط أسماء رواته، ومعرفة أحوالهم، وكان كثير العبادة، ورعاً، متمسكاً بالسنة على قانون السلف، ولم يزل بدمشق يُحدث ويَنتفع الناس به إلى أن تكلم في الصفات والقرآن بشيء أنكره عليه أهل التأويل من الفقهاء، وشَنَّعُوا به عليه، وأباحوا إراقة دمه، فشفع فيه جماعة إلى السلطان من أمراء الأكراد وتوسطوا أمره على أن يخرج من دمشق إلى ديار مصر فأُخْرِجَ إلى مصر وأقام بها خاملاً إلى حين وفاته.

قال ابن القطيعي: سألته عن مولده فقال: أظن سنة أربع وأربعين وخمسمائة، وتوفي سنة ستمائة كما تقدم (٢).


(١) «المستفاد من ذيل تاريخ بغداد»: (ص١٤٣).
(٢) إمام مشهور صاحب «الكمال في الرجال» الذي هذبه المزي في «تهذيب الكمال». انظر ترجمته ومصادرها في «ذيل ابن الدبيثي»: (٤/ ٢٦٣) و «سير أعلام النبلاء»: (٢١/ ٤٤٣) وحاشيتهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>