للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غير كتاب أن العقل هو العلم بنفسه، لا زيادة عليه، كيفما تصرفت أحواله، وانتظمت (١)، لا تختلف (٢) في ذلك. وأما إذا ذكروا العقل الفعال، فتنتفخ أوداجهم، وتغشى وجوههم قترة، ويقولون: هو كل ماهية مجردة عن المادة، ويقولون: إنه فعال، إذ من شأنه أنه يخرج الفعل الهيولاني من القوة إلى الفعل، بإشراقه (٣) عليه، وهذا كله تركيب فاسد، ونسبة فعل إلى غير فاعل، ولا يصح أن يكون إخراج، ولا إدخال إلا في الأجسام، وما يستفاد من علم عن علم، لا يقال فيه شيء من ذلك، والمادة والصورة ها هنا عبارتان فاسدتان على حالهما من المجاز.

العلم المرتب ليفيد علما مادة، وحصوله عنه صورة، والتهويل بهذه الأباطيل لا معنى له، وقد قدمنا القول في البسيط والمركب، ولا فائدة له في اللغة العربية، إلا أن بناء: ب س ط للاتساع، وبناء: ر ك ب للاجتماع المرتب، فيصح لهم هذا المعنى في المركب لغة ولا يصح لهم ذلك في البسيط، لأن معناه عندهم مفرد ينضاف عليه حتى يصير مركبا.

وأما قولهم: إن نفوس السموات تتحرك بالإرادة (٤) والسموات والأفلاك، فيا سبحان الله، أكثرهم (٥) ينكرون (٦) الإيثار (٧) والإرادة للأول، وينسبونها للثاني (٨)، والثاني أغني عنها من الأول، وأما تفسيرهم الحركة، أنها من (٩) شوق، فذلك خذلان، لم يرضه إخوانهم من القدرية. وهل ينبعث الشوق إلا عن نفس حية، رطبة، مع بلة وبنية؟ فإن ركبوه على غيرها، كان ذلك دعوى لا تثبت أبدا، وما ذكروه دعوى محال، سموها عقلا، وزعموا أنا نحن نسميها ملكا، فهذا كذب [و ٤٦ ب]، علينا، ولغو منهم (١٠). فلم يصيبوا


(١) ب، ج، ز: أنيطت.
(٢) د: يختلف.
(٣) د: بإشرافه. قارن (المقاصد، ص ٣٧٣).
(٤) قارن (المقاصد، ص ٢٧١).
(٥) د: أكبرهم.
(٦) د: ينكر.
(٧) كذا في جميع النسخ. ولعله: التأثير. ويمكن أن يقصد بالإيثار الاختيار.
(٨) د: + لأن.
(٩) د: عن.
(١٠) د: - منهم.

<<  <   >  >>