للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واللذات، مقرونة بمكارم حسبما تقتضيه الأهواء (١) وتميل إليه النفوس، من غير نظر في العواقب الصحيحة المفيدة، ولو كان على ما زعموا، لكان الخلق عبثا، ولما (٢) كانت الخلقة حكمة، بما رتب عليها في الحشر من العاقبة.

[قاصمة]

وتبعته (٣) طائفة كادت الدين، وبهرجت على المسلمين، وأرادت التلفيق بين الفلسفة والملة، وحاولت الجمع بين الشرع المنقول، وقضيات العقول القاصرة، عن غاية الدليل بذواتها، وجزمت القول بأنه لم يأت رسول (٤) إلا بها، ولا دار إلا حولها، ورتب نظامه في سلكها، ودار كلامه وعلمه عليها، وجعلت تتبع ذلك فصلا فصلا، حتى عقدت أبوابا في شرح هذه المقاصد، ومن أعظم من انتدب لذلك (٥) القضاة الأربعة الذين لقبوا أنفسهم إخوان الصفاء فجمعوا الخمسين رسالة، في كل علم رسالة، ولم يبقوا من رسوم (٦) الإسلام أصلا إلا عقدوا فيه فصلا، وكانوا في علومهم مقدمن، وعلى [و ٤٠ ب]، الفصاحة مقتدرين، وبدرك المدرك عارفين، وبالدولة معتضدين، ومن تمكن من تصريف لسانه وبنانه، لا ينبغي أن يستغرب ما جاء من بيانه، فكم قائل من الحكماء:

في فمي ماء وهل ينـ... طق من في فيه ماء (٧)

وإنما يقصر بالقلوب الأصمعية (٨)، والألسنة اللوذعية، والنفوس الأحوذية، ما وراءها (٩) من انتقاد الحساد، وتشنيع الأعادي (١٠)، فترى العالم صامتا وما به عي، متماوتا وإنه لحي، ولما تمكنت هذه الطائفة كما قلنا، لم يبق فن (١١) من الحكم النبوية، والأغراض الفلسفية والأدلة الجلية والخفية،


(١) ب، ج، ز: الأهوية.
(٢) د: وإنما.
(٣) ج، ز: نبعت.
(٤) ب، ج، ز: + الله صلى الله عليه وسلم.
(٥) د: إلى ذلك.
(٦) د: رسم، ز: كتب على الهامش: قف واحذر. وتحت ذلك: قف على رسائل إخوان الصفاء.
(٧) ج، د، ز: كتب في صورة نثر.
(٨) ب، ج، ز: الأسمعية.
(٩) ب: فأرواها. ج، ز: ما رواها.
(١٠) كتب على هامش ب، ز: الأحاد.
(١١) ب، ج، ز: - فن.

<<  <   >  >>