للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ممن خرب أركان الإيمان بالشهوات، وهي قلوب المؤمنيين وعمرها بالمنى والشهوات، وشحنها بمحبة الدنيا، وفرغها (١) من محبة الله تعالى، ثم قال: {ولله المشرق والمغرب} [البقرة: ١١٥] وأشار بذلك إلى مشارق القلوب، وهي نجوم العلوم التي تطوف وتسير في ظلمات المنى والشهوات، وشموس المعارف فوقها، فإذا طلعت بعد ذلك شموس المعارف، خفيت النجوم الشارقة (٢) قبلها، وكل لله ومنه، وبعضها أنور من بعض، ومنه قول الخليل حين لاح له نجم العقل فعلم الحق فقال: {هذا ربي} [الأنعام: ٧٧] ثم أسفر الصبح، ومتع (٣) النهار، وطلع شمس العرفان، من برج مشرقها، فلم يبق للطلب (٤) مكان، ولا للتجويز حكم، ولا للتهمة قرار، فقال: {إني بريء مما تشركون} [الأنعام: ٧٨].

[عاصمة]

فتلقفت جميع ذلك ووعيت، وأنا إلى أصل الأخذ ناظر، وعلى أعطافه بالتفكر مائل (٥)، والذي (٦) تحرر بعد تحرير الافتكار في سبيل النظر والاعتبار أن الصريح عام في الدين، به جاء البرهان، وعليه دار البيان، فلا يجوز أن يعدل بلفظ عن صريح معناه إلى سواه، فإن ذلك تعطيل (٧) للبيان، وقلب له إلى الإشكال (٨)، فإذا تقرر الصريح في نصابه، فالإشارة بعد ذلك إلى الأمثال والأشباه، والتنبيه (٩) لوجه التشبيه (١٠)، أصل عظيم في العقل، وباب متسع في الدين، وسبيل واضحة (١١) في الشريعة، فإن كانت في الأحكام فهو باب


(١) ج: فرعها.
(٢) ج، ز: أشارقة.
(٣) ب: منع. ج، ز: طلع. ومعنى متع النهار: ارتفع قبل الزوال (القاموس المحيط).
(٤) ب: للطالب.
(٥) ب، ج، ز: قابل.
(٦) د: فالذي.
(٧) ج: تفصيل.
(٨) ز: كتب على الهامش: قف وتأمل في جواب هذا العلامة، فلله دره ما أدق فهمه. وما أعلمه وأقدره على الحجاج، في أنه لا يجوز أن يعدل بلفظ صريح معناه إلى ما سواه.
(٩) ج: التشبيه. د: التنبه.
(١٠) د: التنبيه.
(١١) د: واضح.

<<  <   >  >>