للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما ذكرهم في الخاطرات (١) أنه إن شكر استحق ثوابه فما سبب هذا الاستحقاق؟ هل نفس الفعل (٢)؟ فهذا محال من طريق النظر، لأن الشكر جزاء نعمة، فكيف [و ٦٢ أ] يستحق الجزاء على الجزاء؟ وإن كان إنما يستحقه بالخبر منه عن ذلك - وتقدير سواه محال - فالقول به (٣) محال لأنه لم يكن هنالك بعد مبلغ للخبر. وأما قولهم: إن قصر استحق عقابه. فما لم يكن سبيل إلى استحقاق الثواب (٤) لا يتصور معه استحقاق العقاب، لاتحاد الطريق.

[قاصمة]

نبغت طائفة قالت: إن المعول المرجوع إليه، هو قول الله وحكمه، وإن الموصل له إلينا واسطته (٥)، وهم رسله الذين أولهم آدم، وآخرهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهذه كلها دعوى (٦)، فإن العقول ترشد إلى السياسة الأيالية (٧)، والقوانين الحكمية، وقانون التدبير الجامع للمصالح المنتظمة لعامة الخلق، وإصلاح (٨) الأخلاق، وتطهير الأبدان عن أوصاف النجاسات، والقلوب عن أخلاق الدناءات، حتى يطرد الاصلاح (٩) في الباطن والظاهر، ويستمر البقاء على العيش الطيب، واستقامة الخاصة والعامة، وهذه كتب الحكماء (١٠)، بسيرهم في أنفسهم، ووصاياهم لغيرهم، تتضمن جميع ذلك، فمن أراد النظر فيها فقد جليت له في منصتها. وكفى بعد ذلك بإيضاح العقول رسلا، وبمقتضياتها (١١) أدلة مادة (١٢) إلى الغني الذي لا يصحبه فقر، والنعيم الذي لا يقترن به كدر، والكمال الذي لا يتطرق إليه (١٣) نقصان، ولو عولنا في درك الحقائق على


(١) ج، ز: الخاطريات.
(٢) ج: والفعل.
(٣) ب، ج، ز: - به.
(٤) ج: والثواب.
(٥) ب: واسطته.
(٦) د: دعاو.
(٧) ج، ز: الإلهية. وكتب على الهامش: الإيالية.
(٨) د: صلاح.
(٩) د: الصلاح.
(١٠) د: العلماء. ج، ز: كتب على الهامش: العلماء.
(١١) ب، ج، ز: بمقتضاها.
(١٢) ب، ج، ز: قادة. وكتب على الهامش مادة.
(١٣) ب: لا يقترن به.

<<  <   >  >>