للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحق" إذ الشيطان وإن لعب بالإنسان في يقظته أو (١) منامه، فلا يلعب به بواسطة النبي، فكان ذلك المثال الذي يرى في المنام، هو مثال النبي ضرب عنه حقا.

وقد سألت دانشمند (٢) عن الرجل يرى النبي في المنام فيقول له: كان كذا، أو افعل كذا، مما يوافق الحق، أو يخالف ما روي عنه، أو ما يقتضيه القياس فقال لي: ذلك لا يوجب حكما، ليس بشك في حقيقة المثال، وتصديق الرؤيا، ولكن لأن الذي رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في منامه لا يوثق به في تحصيل ما رأى، فإن المستيقظ قد يفوته التحصيل، ويذهب عن الوعي، بغفلة، أو ذهول، أو نسيان، فكيف بحال النوم؟ انتهى قوله.

قال القاضي أبو بكر رضي الله عنه: وقد بينا أن الرؤيا أوهام، أو حقيقة إدراك، على الاختلاف في ذلك. وعندي أنه حقيقة إدراك، ولكن الملك يضرب بها المثل، وذلك مختص بحالة النوم تصرف فيه الأشياء عن ظواهرها، وتجري الكنايات والمجازات البعيدة فيها، بإذن صاحب الشريعة ووضعه، كما أنه منع الكنايات في بيان التوحيد، ووضع الأحكام وجرى كل على حكمه وبابه.

[خبر]

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب فكتب ما يكون إلى يوم الساعة" (٣) قال القاضي أبو بكر رضي الله عنه: فقد أخبر الله أنه خلق العرش والكرسي والقلم واللوح، وأمر القلم فكتب فاختلفت ها هنا خمسة معان: المعنى الأول: العرش، ولا خلاف بين المصلين أن العرش مخلوق جسم محدث عن أول سابق بعدم (٤)، ولكنهم اختلفوا هل هو عبارة عن


(١) ب: - أ. ز: على الهامش: في نسخة: أو.
(٢) ب: نشمند. ج: ذانشمند. كلمة فارسية بمعنى عالم العلماء. ز: كتب في الهامش: قف على سؤاله لشيخه أبي حامد الغزالي.
(٣) رواه أبو داود في كتاب القدر.
(٤) ب: لعدم.

<<  <   >  >>