للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمخلوقات، وأراد في جعل (١) القلب بين أصبعين، الإشارة (٢) بذلك إلى سرعة تقليبه (٣) وخفائه وحقارته، وهو والمخلوقات سواء في هوان (٤) ذلك عنده، وحقارته (٥) بالإضافة إلى قدرته. وقيل كنى بالأصبعين عن اللمتين لمة من الملك له في الإيعاد بالخير، وتصديق الحق، و (٦) من الشيطان لمة في الإيعاد بالشر والتكذيب بالحق. وأما الذراع فقد بينا بأنه إنما ورد مطلقا غير مضاف إلى الله (٧)، قال الله سبحانه: {ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه} [الحاقة: ٣٢] والحديث الذي فيه (٨) بذراع الجبار، لم يصح، كما قدمنا [و ١٣٤ أ]، وإنما الصحيح في إسناده عن أبي هريرة (٩): "غلظ جلد الكافر أربعون ذراعا" (١٠) مطلقا غير مضاف، فلا يلتفت إلى حديث الإضافة.

[عاصمة]

مما يتعلق بهذا ويستذكر به، وجرى فيه توقف وغلط، أحاديث يعارض ظاهرها المقتضى بالعقل، لا تتعلق بالباري ولا صفاته، ولكنها تتعلق بما أخبر


(١) ج، ز: وأرى أن في جعل.
(٢) د: إشارة.
(٣) ب، ج، ز: تقلبه.
(٤) ب: حقارة.
(٥) ج: - وهو والمخلوقات سواء في هوان ذلك عنده وحقارته.
(٦) د: - و.
(٧) ز: كتب على الهامش: قلت الذي يظهر لهذا العبد الضعيف وهو المخلص الواضح الذي ليس بعده توقف ولا إشكال، وذلك أن خطاب الله لخلقه، والتعبير على شؤونه سبحانه وتعالى يلزم أن يكون أسلوب مخاطباتهم ومعاماة بعضهم لبعض، كما يلزم أيضا في بيان شؤونه وإفهامهم إياها، أن تكون على نحو صفاتهم البشرية من جميع الوجوه لأن كيفية المخاطبة تكون ولا بد تابعة لحال المخاطب في إدراكه وعقله وعلمه ومعهوداته وإلا لو لم يكن الأمر كذلك لتعطلت الشرائع والأحكام وانسد باب المعارف الدذيوية والأخروية لأن الله جل جلاله وتنزه وتعالى، ذاته لا تشبه الذوات، وصفاته ليست كصفات الخلق في الكم والكيف وأفعاله لا تشبه أفعال المخلوقات. وبهذا والحمد لله تندفع جميع الإشكالات والحمد لله أولا وآخرا.
(٨) ب، ج، ز: فيه.
(٩) توفي سنة ٥٩ م/ ٦٧٨ م (العبر، ج١ ص٦٣).
(١٠) أخرجه البيهقيفي الأسماء والصفات، ص٣٤٢.

<<  <   >  >>