للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنه من المعاني، وقد سبق بيانها (١) بأن (٢) العقل والشرع صنوان، وأن العقل مزكي الشرع، ولا يجرح الشاهد المزكي ولا يكذبه، فإن ذلك إبطال له. وأحكام العقل ثلاثة واجب وجائز (٣) ومستحيل، فأما الواجب والمستحيل فالشرع لا يثبتهما ولا ينفيهما، لأنه لم يأت لبيان المحسوسات والضروريات، وإنما جاء لتعيين جائز أو تبيين حكم ابتدائي (٤)، وعلى الواجب والمستحيل بنى الشرع الأدلة، وبهذا وقع (٥) احتجاجه، وإليها في النظر كان مرجع البيان (٦) منه، فإذا جاء ما ينفي العقل ظاهره فلا بد أيضا من تأويله، لأن حمله على ظاهره محال، فيكون غير مفهوم والشرع لا يأتي به، فلا بد من تأويله. والأخبار على ثلاثة أقسام (٧): متواتر وهو قليل بل عزيز. ومستفيض وهو كثير. وآحاد، وهو جملة أخبار الشرع، وفي القرآن من المتواتر ما يغني، والمستفيض والآحاد إذا جاءا في الآثار، يرد الآحاد جماعة، منهم مالك رضي الله عنه في مواضع تعارضها (٨) أصول الشرع. والقدرية لا تلتفت إليها. ولكنها تتناقض فيها، وشد بينا حقيقة الأخبار في كتب الأصول، ونحن نورد من ذلك أمثلة مختلفة المباني.

[خبر]

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من رآني في المنام فقد رآني في اليقظة إن الشيطان لا يتمثل بي" (٩) فهذا يعلم قطعا أنه لا يرى ذات النبي (١٠) لوجهين: أحدهما أن ذاته لا تدرك في اليقظة فضلا عن المنام. الثاني: أنه يراه في صورة تخالف صورته الكريمة. فدل على أن هنالك محذوفا تقديره: من رأى مثالي فقد رآني، أي يكون ذلك دليلا على أنه رأى الحق، كما قال في رواية أخرى: "فقد رأى


(١) ز: في نسخة: بيانه.
(٢) ز: في نسخة: فان.
(٣) د: جائز وواجب.
(٤) ب، د: ليعين جائزا، أو يبين حكما ابتلائيا.
(٥) ب: في نسخة: وبها أوقع.
(٦) ج، ز: كان في النظر مرجع البيان.
(٧) ز: في الهامش، في نسخة: أضرب.
(٨) د: يعارضها.
(٩) رواه الشيخان.
(١٠) هنا يبدأ النقص في د.

<<  <   >  >>