للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السورة (١)، ولم يرد تسميتها ثوابا، فكيف يخبر (٢) عما يشكل بما يشكل، وإنما كان يقول: يأتي ثوابها، لو قاله النبى - صلى الله عليه وسلم -، فيفسر، وأما تفسير المشكل - والمحتمل بمشكل محتمل، فمما (٣) لا يجوز شريعة، ولا يصح عربية.

[خبر]

روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر: آخر (٤) أهل النار خروجا من النار، فقال: "يؤتى مثل الدنيا وعشرة أمثالها وذلك أقل أهل الجنة منزلة"، فلما سمع قوم هذا عظم ذلك عندهم (٥) لوجهين خطأين أحدهما: جهلهم بعموم قدرة الله، وعلمه، وسعة مخلوقاته قياسا على أنفسهم، وقصرا [و ٨٣ أ]، لخواطرهم القاصرة عن منتهى العلوم (٦). الثاني: اعتقادهم أن الجنة (٧) هي السموات وهي لا تتسع (٨) لهذا، وكيف وهي من الدنيا؟ فذلك أبعد.

قال القاضي أبو بكر (٩) رضي الله عنه: فقال لي أبو حامد الغزالي: إنما يؤتى مثل الدنيا في القيمة والقدر، لا في المساحة، وقيد شبر من الجنة خير من الدنيا، بغير حصر بمثل (١٠)، ولا بعشرة أمثالها، ولا بأكثر من ذلك، كما يقال: هذه الياقوتة خير من ألف مثقال، لا في الوزن، ولكن في القيمة والمنفعة، لأنها تساوي بالتقويم أكثر من ألف. فقلت: هذا المذكور، يؤتى مثل الدنيا في (١١) عشر مرات مساحة وقيمة، فإن القيمة لا تنحصر، إذ نصيف حورية، خير من الدنيا، والقدرة متسعة للمساحة والقيمة جميعا، والخلاء يحتملها، فافرض ما شئت في العدم، وأخرجه إلى الوجود، جاز عقلا، وصح، إذا خلق وجودا (١٢) وقد روي عن ابن عباس أنه قال: (ليس في الجنة من الدنيا إلا الأسماء) وليس هذا بإخراج لها من حد المحسوس إلى المعقول، كما تقوله


(١) د: والسورة.
(٢) ج: الخبر، د: تخبر.
(٣) د: ما.
(٤) ب: أخير.
(٥) د: عندهم ذلك.
(٦) د: المعلوم.
(٧) د: الجنات. وكتب على هامش ز في نسخة: الجنات.
(٨) د: تسع.
(٩) د: قال أبي.
(١٠) د: مثل.
(١١) د: - في.
(١٢) ب: وجودان.

<<  <   >  >>