للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأنبياء، ما كنا نقف على حقيقة أبدا، فإنهم يقولون نحن رسل الله، ويأتون بأفعال غريبة، تخرج عن حد العادة، فيتحدون (١) بها على صدقهم، بطريق أنها فوق طوق البشر، يأتي الله بها على جهة العضد لهم، والتصديق لقولهم، وتلك الأمور الغريبة التي يأتون بها، داخلة في طوق البشر، محمولة إما على خاصة أدركوها، أو على وجوه من الحيل [و ٦٢ ب]، نظموها على بعد وجمعوها، حتى انتهمت إلى هذه (٢) الحالة (٣) التي أشهدوها (٤) للخلق وأبرزوها، ولو لم يكن في الدنيا إلا حجر المغناطيس الذي يجذب الحديد من بعد، ولا يجذب الذهب، ولا هدبة الثوب (٥)، ونحن نرى السحرة يأتون بالغرائب، حتى إن الواحد منهم ليهزم الجيش، ويرد الجم الغفير فلا (٦)، ويجري الماء على الأرض سيحا، وينزل المطر صيبا (٧)، ويريك الجدب خصبا (٨)، ولا يحسب (٩) في الحقائق فعله، ولا يقبل (١٠) قوله، هذا إلى ما في الوصول إلى حالة القبول من الرسول من العقاب التي لا (١١) يقطعها بازل، ولا يكون الفكر عنها أبدا إلا نازل، منها معرفة حقيقة النبوة (١٢)، وإثبات كلام الله تعالى الذي يترتب عليه إرسال الرسل، جواز بعثة الله الرسول، ومنها تعيين ما تأتي به، فإنها إن قالت ما يعلم (١٣) فلا يحتاج إليها، وإن قالت ما لا يعلم (١٤) فلا يقبل منها، مع أنا رأيناهم يقولون أشياء يردها العقل، وأكثر الخلق لا يقبلونها، وأي فائدة في مخاطبة من يعلم أنه لا يقبل. ومنها وجه المعرفة بأنه رسول، وقد بينا أن ذلك يعسر، لاشتباه الأفعال، لا سيما وأنتم تقولون: إنه جائز على الله أن


(١) د: يتحدون.
(٢) ج، ز: هاته.
(٣) د: الحال.
(٤) ب، ر، زت شهروها.
(٥) الكلام ينقصه الجواب. واقتراح ابن باديس أن يكون: لكفى في إثبات الخاصية.
(٦) ب، ج، ز: ويرد الجبل الصغير تلا. أما الفل فمعناه منهزم، يقال قوم فل أي منهمزمون.
(٧) ب، ج، ز: صبا.
(٨) علق ابن باديس على ذلك بقول: هذا كذب ومبالغة، فليس هذا من مقدور السحرة لا بالحقيقة ولا بالتخيل.
(٩) ب، ج، ز: تحسب.
(١٠) ب، ج، ز: تقبل.
(١١) ب: - لا.
(١٢) د: العبوه.
(١٣) ب: نعلم.
(١٤) ب: نعلم.

<<  <   >  >>