للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أعن عجز أم عن جهل؟ [و ٥٥ ب] لقد ضل (١) من ضلت عليه المقاصد. وقد قالوا: إن كل جسم بسيط فله شكل طبيعي، وهو الكرة، ومكان طبيعي، وهو الذي يوجد به، فإن تحرك، فإنما يتحرك إلى مكانه الطبيعي (٢)، فيقال (٣) لهم: بل شكله التربيع ولا فرق، وإن تعلقوا بهيئة الفلك، فقد (٤) خاب من تحلق بذلك وهلك، ثم يقال لهم (٥): فإذا إمتزج البسيطان أو البسيط، وتركبا أو تركب، فهل يزول ذلك الطبع؟ فإن قالوا: يزول، قلنا: ما من حقيقة تكون (٦) لشيء تزول بمجاورته (٧) لغيره، وليس في العالم خلط، وإنما هو كله مجاورة، حتى لو خلطت لبنا بماء، لكانا منفصلين (٨)، بل لو خلطت ماء من كوز، بماء من كوز، لما كانا إلا متجاورين، وهذا أصل من أصول الحقائق، ضلوا عنه، فتاهوا ولم يهتدوا.

ثم يقال له (٩): ومن أطبعه لذلك المكان؟ أنفسه أم غيره؟ فإن كانت نفسه، فلم غير نفسه (١٠)؟ وإن كان غيره، فدع الغير يحكمه، ويكون ذلك الغير هو الفاعل حقيقة.

وقولهم: فإن تحرك، يقال لهم: ولم يتحرك؟ ولا يقولون فيه ما ينفع. وقولهم: فإن تحرك فإنما يتحرك إلى مكانه الطبيعي، وهذا تهافت عظيم، يكون في موضعه بالطبع، ثم يتحرك منه إلى مكانه بالطبع فكل موضع له بالطبع (١١) الذي هو (١٢) فيه، والذي (١٣) ينتهي إليه. والذي يمر عليه، لا شك أنه أيضا بالطبع، يخرج في حال من أحواله عن الطبع، هذه سخافات لا تعقل من أقوالهم.


(١) ب، ج: ذل.
(٢) المقاصد، ص ٣٣٤، نقل بالحرف.
(٣) ج، ز: فنقول.
(٤) ب، ج، ز: وقد.
(٥) د: - لهم.
(٦) ب: - تكون.
(٧) ب، د: لمجاورته.
(٨) ز: كتب في الهامش: قف: يشهد له قوله تعالى {بينهما برزخ لا يبغيان}.
(٩) هذا التفات من الجمع إلى المفرد.
(١٠) د: بنفسه.
(١١) د: - فكل موضع له بالطبع.
(١٢) ب، ج، ز: - هو.
(١٣) ب، ج، ز: - والذي.

<<  <   >  >>