للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خباط، وإذا كان القلب (١) في صورته الجسمانية لا يدرك تأصيله ولا تفصيله، فكيف بالقول في الصورة المعنوية وتعلقها (٢) بالمعقولات؟ فذلك أبعد لكم معشر المدعين، فقفوا حيث وقف بكم الشرع، ترشدوا.

ولقد نظرت في كتاب دقلطيانش (٣) في سر الخلقة وصنعة الطبيعة (٤)، فرأيت من الخباط ما لا عين رأت، ولا خطر على قلب مجنون، وكأنه أراد أن يضمها إلى قانون بمضمار (٥) العقل، فأخرجها عن أسلوب العقل، وقبل وبعد، فلم تنكرون في الخبر (٦) ما تجدونه في النظر. وأما قولهم: لا فائدة فيها، لأن أكثر الخلق لا يقبلها. في غباوة، فإن كون الحق حقا في نفسه، لا يؤثر فيه رد الخلق له، ألا ترى أن كل ما تذكرون (٧) من الحقائق مردود عند أكثر الخلائق؟ أفتجعلون (٨) ذلك حجة عليكم في إبطال مذهبكم؟ فما ألزمتموه (٩) يلزمكم. وأما قولهم: إنه يمكن أن يكون باطلا لما (١٠) يريده الله من إضلال الخلق عندكم. فهذا سؤال معتزلي ليس فيه للفلاسفة مدخل (١١)، وإنما تتلكم به المعتزلة الذين لا يجوز عندهم أن يضل الله الخلق بفعل منه ولا بقصد، والجواب عنه قد بيناه مرارا، والذي تعولون عليه الآن أن تقولوا بأن الخبر أمننا (١٢) من ذلك، بأن الله لا يضل الخلق عموما، ولا يضلهم على [و ٦٨ ب] أيدي الرسل، وإنما فائدة إرسالهم تمييز المهتدي من الضال، حتى يهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة.


(١) د: القول.
(٢) ز: كتب على الهامش: تعلقنا.
(٣) ب، ج، ز: فلطيانس.
(٤) ذكره صاحب كشف الظنون باسم: سرائر الخليقة، وصنعة الطبيعة في الكيماء، ولكن لم يذكر مؤلفه (كشف الظنون، ج ٢ ص ٩٨٦)، وينسب إلى أبولونيوس الطواني وهو من التراث الهرمسي وموسوعة في العلوم الطبيعية (هنري كوربان، تاريخ الفلسفة الإسلامية، الترجمة العربية، بيروت، ١٩٦٦ م، ص ٢٠١).
(٥) د: مضمار.
(٦) ج، ز: + على.
(٧) ب، ج، ز: يذكرون. ز: كتب على الهامش: عنى الفلاسفة.
(٨) ب: أفيجعلون.
(٩) ب، ج، ز: التزموه.
(١٠) ب، ج، ز: فيما. وكتب على هامش ب، ز: لما.
(١١) د: للفلاسفة مدخل فيه.
(١٢) ج: - أمننا.

<<  <   >  >>