للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالمغرب يقول فيها: إن الباري في جهة، وأنه فوق العرش، وإن العرش هو الذي يليه من مخلوقاته، فرأيت قوما، قد استولت عليهم الغفلة، وغلبهم الجهل، حتى قالوا: إن الباري يحاذي المخلوقات، والذي أوقعهم في ذلك، أنهم رأوا أحاديث ليست بصحيحة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عدد السموات فذكرها حتى انتهى إلى السماء السابعة، قال فيه (١): "والعرش فوق ذلك، والله فوق ذلك" (٢). وسمعوا القدرية يقولون: إن الله في كل مكان، وتكاثرت في ذلك الأقوال من المؤالف والمخالف، فأنكروا ذلك عليهم، وقالوا: إن أطلق لفظ في هذا المعنى فالذي ينطلق أنه على العرش وسامحوا (٣) في "فوق" لأنه بمعنى علا وجل، ورددوها (٤) في الحديث المذكور آنفا، ثم جاءت طائفة ركبت عليه، فقالت: إنه فوق العرش بذاته وعليها شيخ الغرب أبو محمد عبد الله بن أبي زيد (٥) فقالها للمعلمين فسدكت بقلوب الأطفال والكبار (٦)، ثم جاء هذا الثاني (٧) فقال: وأنا ماذا أزيد مما يظهر منزلتي بأن أقول: وهو الذي يليه من مخلوقاته يعني ليس بينه وبينه موجود، وهو يحاذيه، وجعل يفيض في المحاذاة والجهة، وما يفيض بكلمة صحيحة، ولم يتفق بعد أن أنكر (٨) على أهل بغداد، وبين أضلاعي هذا الداء فنفيت (٩) عنهم المسألة، وأوردتها، وأصدرت، وأمليت وجمعت. ولبابه: إن الله تعالى لا يوصف إلا بما وصف به نفسه شرعا وعقلا، وإن كان في ذلك تفصيل حققناه في موضعه، ونحن نعلم قطعا أنه كان موجودا قبل إيجاده العالم كله، على اختلاف أصنافه، ثم خلقه مثنى وفرادى، فلم تتغير له صفة، ولا حدثت له إضافة، محدثة (١٠)، أو صفة


(١) ب: فيها.
(٢) سند الحديث فيه عبد الله بن عميرة، الذي قال فيه البخاري: لا يعرف له سماع من الأحنف الذي ادعى أنه سمع منه وقال الذهبي فيه جهالة (البيهقي الأسماء والصفات، ص ٣٩٩).
(٣) ز: وسامحوه.
(٤) ب، ز: كتب على الهامش: عل صوابه: وأوردوها.
(٥) القيرواني، توفي سنة ٣٨٩ هـ/ ٩٩٨ م (العبر، ج٣ ص ٤٣).
(٦) ز: في الهامش: قف وانظر مقالة ابن أبي زيد في عقيدة الرسالة.
(٧) ب: - الثاني.
(٨) ب: نكر.
(٩) ز: كتب على الهامش: فثنيت.
(١٠) ز: + آفة في الهامش.

<<  <   >  >>