للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيقال (١) لهم: علام (٢) تقولون. إنه يفرح ويمشي ويهرول، ويأتي وينزل؟ فهل يجوع ويعطش ويمرض ويحتاج ويعرى؟ فإن قالوا: لا، قلنا: فقد قال: "عبدي مرضت فلم تعدني، جعت فلم تطعمني، عطشت فلم تسقني" وفي رواية: "استكسيتك فلم تكسني" (٣) فيقول: فكيف (٤) يكون ذلك وأنت رب العالمين؟ يقول: كان ذلك بعبدي فلان، ولو فعلت به ذلك لوجدتني عنده، في حديث طويل، هذا معناه. فإن قالوا: لا نقول بهذه لأنها آفات، وهذه صفات. قلنا لهم بل هي جوارح، وأدوات وهي كلها نقص وآفات، فإن هذه الجوارح (٥) كلها إنما وضعت للعبد جبلة لنقصه يتوصل، ويتوسل بها إلى قصده، ومن له الحول والقوة؟. وإنما هو إذا أراد شيئا قال له: كن فيكون بلا (٦) آلة له (٧) ولا جارحة، فكما أضاف هذه الألفاظ الجوارحية (٨) عندنا إلى نفسه، كذلك [و ١٣٢ أ] أضاف البيت والدار إليه، فهل بيته الذي هو الكعبة على قدره أو أكبر منه؟ وهل يدخله أم لا؟ وداره هل يسكنها أو يدخلها؟ وأنتم معشر الغافلين أو قل الجاهلين وإن صرمتم فأصب (٩) بالضالين الكافرين مقتل الخطاب الصحيح فيهم: الأرض كلها لله، والمساجد لله، والكعبة بيت الله، والجنة دار الله، وإذا أراد الله أن يشرف بيتا أو دارا، أو آدم أو عيسى قال: إنه منه، وله، وبيده كان، وإلى جنبه يقعده، وعلى عرشه ينزله معه، وكل ملك له، ويده (١٠) ورجله وقدمه، وذراعه وساعده، ولا سيما إذا تصرف في طاعته، ألا ترى إلى (١١) قوله في الحديث الذي رويتم: "فساعد الله أشد، وموساه أحد" فجعل له ساعدا وموسى، والإضافة واحدة والكل صحيح المعنى حق.


(١) ب، ج، ز: الإقبال. وفي هامش ج، ز: صوابه: وألا يقال لهم.
(٢) د: له هل.
(٣) ج: تكسيني.
(٤) ب: د: وكيف.
(٥) ج: جوارح.
(٦) د: فلا.
(٧) ب: كتب على الهامش فلا آلة عنده. د: عنده.
(٨) ج: الجارحية.
(٩) ب، ج، ز: إن رصرمتم فأصب.
(١٠) د: فيده.
(١١) ج: في.

<<  <   >  >>