للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلنا أخبار من (١) غير أحبار، ولو صحت لقلنا: إنه ذبح ثم أحيي، وقد أحيي بعد الموت في الدنيا جماعة، ولابن البهاء (٢) كتاب فيهم، كبير مفيد، وقد يمكن أن يذبح الحي فلا يموت، فإن قيل: فحركة المذبوح بعد الذبح، ما هي؟ قلنا لهم: هي عندهم مستعارة، وحقيقتها نبينها إن شاء الله تعالى (٣).

فإن قيل: فكيف يأكل أهل الجنة من لحم حيوانها أمع (٤) بقاء الحياة؟ فقد روي أنه يقع بين أيديهم مشويا. قلنا: ويجوز أن يكون مع ذلك حيا سويا، ويلقم وهو يتكلم، وكما الشواء (٥) من غاير استواء، كذلك يؤكل حيا مع الاستواء (٦)، وسقطت الذكاة لأن الجنة ليست بدار تكليف، ولما سقطت الذكاة، سقطت متعلقاتها والله أعلم. وطريقة الكلام في المسألة المتقدمة أن الله يخلق لهم العلم اليقيني، في دار اليقين، بأن الموت لا يعود أبدا. ولو خلق لهم هذا العلم ابتداء دون ذبح شيء لكان ذلك واقعا موقعه، ولكنه بحكمته جعله مخلوقا منوطا بسبب، كما كان عند العلم اليقيني في الدنيا، أن من ذبح أو مات لا يعود فيها أبدا، فرتب لهم سبحانه شيئا يشبهه، حتى يكون العلم الثاني على ما رتب عليه العلم الأول، وثبت (٧) [و ٧٩ أ] في نفوسهم العلم بالمراد كما أثبته من قبل، وكان عود الحياة بعد الموت الأول بخبره، كذلك يكون امتناع العود إلى الموت الثاني بخبره، وتطمئن نفوس أهل الجنة بالخلود، ويزيدهم قوله لهم (٨): أحل عليكم رضائي (٩) فلا أسخط بعده أبدا. ويقع اليأس لأولئك، وتطبق (١٠) عليهم النار، وينفذ (١١) الحكم، ويقع الفصل، ويظهر الوعد الصدق، والله يختم لنا ولكم بالحسنى برحمته.


(١) ب، ز: في نسخة: عن.
(٢) ب: ابنها. والصحيح أنه ابن أبي الدنيا عبد الله بن محمد (+٢٨١ م/٨٩٤م) وكتابه يسمى "من عاش بعد الموت" مخطوط (الأعلام للزركلي، ج٤ ص٢٦٠).
(٣) ب، ز: - تعالى.
(٤) ب: - مع.
(٥) ب: انشئوا.
(٦) ب: من غير اشتواء.
(٧) د: انتهاء ما سقط وهو يوازي من ص ٢٢ إلى ٥٥ ج ٢، من طبعة ابن باديس.
(٨) د: - لهم.
(٩) ب: رضواني.
(١٠) ج: تصبق.
(١١) و: ينفد.

<<  <   >  >>