للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الطبري (١) وغيره عن مجاهد (٢) أنه كان يميل إلى هذا القول، فإن كان هذا النقل عنه صحيحا، إنه لمزلة قدم، وفاتحة لمن يرى قلب الألفاظ لغير ضرورة (٣)، مع إمكان حملها على ظاهرها، وليس يمتنع أن يكون الميزان، والوزن على ظاهره، وإنما يبقى النظر في كيفية وزن الأعمال، وهي أعراض، فها هنا يقف من وقف، ويمشي على هدى (٤) [و ٨١ ب] من مشى، فمن كان رأيه الوقوف، فمن الأول ينبغي أن يقف، ولئن (٥) أراد المشيء ليجدن سبيلا ميثاء (٦)، فإنه يجد، هاهنا ثلاثة معان: ميزانا، ووزنا، وموزونا، وكل واحد [منها معلوم، وبعضها مرتبط ببعض، لا يصح أن ينفرد (٧)] (٨) [منها واحد عن الآخر] (٩) للملازمة التي يقتضيها اللفظ، ويقضي بها العقل، قال (١٠) الله تعالى: {والوزن يومئذ الحق} [الأعراف: ٨] فعلمنا أن هنالك وزنا، وقال: {فمن ثقلت موازينه} [الأعراف: ٨] فعلمنا أن هنالك ميزانا نصا، وموزونا نصا (١١) لأنه قال: {موازينه} بعد قوله: {فمن ثقلت} فاقتضى ثقلا في ميزان، وذلك هو الموزون فصارت الثلاثة كلها في القرآن، واقتضى ذلك موزونا يخف تارة، ويثقل أخرى، فيخف الميزان به (١٢) ويثقل، ولم يبق إلا تعيين الموزون. وقد ورد في الحديث الصحيح أنه يوزن عمله من إيمانه ومن حسناته (١٣)، وبه يخرج من النار، كما أن بعمله السيئ دخلها، فإذا ثقلت السيئات ودخل النار، روعي له عند الخروج الإيمان من ذرة إلى (١٤) شعيرة إلى دينار، ولو روعي له ذلك في الوزن الأول، ما دخل النار لرجحانه له (١٥)، ولكنه تأخر، إما لوزن


(١) أبو جعفر محمد بن جرير، توفي سنة ٣١٠ هـ/٩٢٢ م وكان من المجتهدين. (العبر، ج ٢ ص ١٤٦).
(٢) مجاهد بن جبير أبو الحجاج من كبار المفسرين، توفي سنة ١٠٣ هـ/ ٧٢١ م.
(٣) ب، ج، ز: صورة. كتب على هامش ز عله: ضرورة.
(٤) ج: هذا.
(٥) د: لمن.
(٦) ج، ز: ميتاء. د: بينا.
(٧) ب: يفرد.
(٨) ج: سقط ما بين القوسين.
(٩) د: سقط ما بين القوسين.
(١٠) ب، ج، ز: فقال.
(١١) ب، ج، ز: تكرر: نصا.
(١٢) ب: - به.
(١٣) د: خيره.
(١٤) ب: - إلى.
(١٥) د: - له.

<<  <   >  >>