للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٨٤ ب] الدواهي "وجه الرد عليهم (١) وطريق الدخول إليهم، ويجب أن تتحققوا أنهم ليس لهم دليل على قولهم (٢)، ولا حجة على رأيهم، وإنما هي سخافة، في تهويل. فأنا أوصيكم بوصيتين: إحداهما (٣): ألا (٤) تستدلوا عليهم، الثانية (٥): وأن تطالبوهم (٦) بالدليل، فإن المبتدع إذا استدللت عليه شغب عليك، وإذا دعوته إلى الاستدلال لم يجد إليه سبيلا، فإن الله تعالى (٧) لم يجعل له (٨) على الباطل دليلا (٩). فأما قولهم: لا قول إلا ما قال الله فحق، ولكن أرني ما (١٠) قال الله. وأما قولهم: لا حكم إلا لله، فغير مسلم على الإطلاق، بل من حكم الله أن جعل (١١) الحكم لغيره، فيما قاله، وأخبر به، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الثابت من الحديث: "إذا حاصرت أهل حصن فطلبوا أن ينزلوا إليك، فلا تنزلهم على حكم الله، فإنك لا تدري ما حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك" (١٢) وهذا نص في مسألتين بديعتين إحداهما: أنه يجوز أن يقال: إن (١٣) لحكم إلي فيك شرعا، والثانية - وتقوي الأولى - أن حكم الله لا يعلم إلا بقوله، وما لم يقل فيه شيئا لنا (١٤)، فلا نتركه دون حكم، ولكنا نحكم فيه بما يقتضيه النظر في أمثال أحكامه وأشباهها، فيلا فكان قوله: لاولكن أنزلهم على حكمك" بمعنى أنفذ فيهم ما تشتهي وما تريد. وإنما أفاد بهذا هذه المسألة (١٥) البديعة، وهو أنه لا يقول المجتهد: هذا حكم الله، وإنما يقول: هذا فرضي في عملي، وعلمي.


(١) ب، ج، ز: عليه.
(٢) د: عقولهم.
(٣) ب، ج، ز: أحدهما.
(٤) ب، ج، ز: لا.
(٥) ب، ج، ز: - الثانية.
(٦) ب: ولا تطالبوهم. وطالبوهم.
(٧) ب، ج، ز: - تعالى.
(٨) د: - له.
(٩) د: ذليلا.
(١٠) د: أرى بما.
(١١) ب: يجعل.
(١٢) نقل هذا النص (من ٦٧ - ٦٩ من طبعة ابن باديس) الذهبي في تذكرة الحفاظ، (ط. الهند، ١٣٣٤ هـ، ج ٣ ص ٣٢٤) وعلق على ذلك بقوله: إن أبا بكر بن العربي هضم معارف ابن حزم (هضمه حقه في معارفه، ص ٣٢٧).
(١٣) ب: - إن.
(١٤) د: - لنا.
(١٥) ج، ز: الملة.

<<  <   >  >>