للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يصلح لمخالطة الناس، فإن للخلطة شروطا (١)، وللعزلة مثلها. ومن كان على طريق أبي ذر، فحاله يقتضى أن ينفرد بنفسه، أو يخالط ويسلم لكل أحد حاله مما ليس بحرام في الشريعة] (٢). فخرج إلى الربذة زاهدا فاضلا، وترك جلة فضلاء. وكل على خير، وبركة، وفضل. وحال أبي ذر أفضل ولا تمكن لجميع الخلق. فلو (٣) كانوا عليها لهلكوا، فسبحان مرتب المنازل ومن العجب أن يؤخذ عليه في أمر فعله عمر! فقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سجن ابن مسعود في نفر من الصحابة سنة (٤) بالمدينة حتى استشهد، فأطلقهم عثمان، وكان سجنهم، لأن القوم أكثروا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووقع بين أبي ذر ومعاويه كلام، وكان أبو ذر يطلق (٥) من الكلام بما لم يكن (٦) يقوله في زمان عمر، فأعلم معاوية بذلك عثمان، وخشي من (٧) العامة أن تثور منهم فتنة. فإن أبا ذر كان يحملهم على التزهد، وأمور لا يحتملها (٨) الناس كلهم، وإنما هي مخصوصة ببعضهم فكتب إليه عثمان كما قدمنا: أن يقدم (٩) المدينة. فلما قدم اجتمع إليه الناس فقال لعثمان: أريد الربذة فقال (١٠) له: افعل. فاعتزل، ولم يكن يصلح له إلا ذلك؛ لطريقته. ووقع بين أبي الدرداء (١١)؛ ومعاويه كلام، وكان أبو الدرداء زاهدا فاضلا (١٢) قاضيا لهم، فلما اشتد في الحق، وأخرج طريقة عمر في قوم لم يحتملوها [و ٩٩ أ] عزلوه، فخرج إلى المدينة. وهذه كلها مصالح لا تقدح في الدين، ولا تؤثر في منزلة أحد من المسلمين بحال. وأبو الدرداء، وأبو ذر (١٣) براءة (١٤) من (١٥) عاب (١٦)


(١) ج، ز: شروط.
(٢) د: سقط ما بين قوسين.
(٣) د: ولو.
(٤) د: ستة.
(٥) د: ينطلق.
(٦) ج، ز: -يكن.
(٧) ز: في نسخة: عن.
(٨) د: يحملها.
(٩) ب، ج، ز: تقدم.
(١٠) د: قال.
(١١) عويمر بن زيد الأنصاري توفي سنة ٣٢ هـ/٦٥٢ م وكان قاضيا بدمشق.
(١٢) د: - فاضلاً.
(١٣) د: وأبو ذر وأبو الدرداء.
(١٤) كذا في جميع النسخ وقد صححها محب الدين هكذا: بريئان ولم يشر إلى ذلك (ص ٧٧).
(١٥) ج، ز: ممن.
(١٦) العاب كالمعاب والمعيب: الوصمة (القاموس المحيط).

<<  <   >  >>