للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأنام، لما بيني وبينه من مجلس ومقام، فأقول له (١): سبحان الله هل أخذنا عنك في (٢) كتاب، وقيدنا على كل باب، إلا (٣) أن الله منفرد بالإيجاد، متوحد بالاستبداد وأن ما سواه لا ينسب إليه فعل، ولا يناط به حادث، وأين ما سردت في مناجاة النملة والقلم، حتى انتهيت إلى المنهج الأمم، وأين التبري من الوقوف على تلك المنازل، في النوازل، والترقي على تلك الدرجات في المدارج، حتى انتهيت إلى بحبوحة القدس، فالآن ترد التأثير إلى النفس، هيهات، إن ما يخلقه الله في بدن العائن، هو كما يخلقه (٤) في بدن المسحور، كما يخلقه في بدن المضروب والمقتول، كما يخلق حركة الخاتم بحركة اليد، أين ما قيدت، بعد أن انفردت في "الاقتصاد" و"المستصفى" وما رويت عن إمام الحرمين في مدارك العقول، مما قيدناه في انفراد الباري بالإيجاد، وحده، وكل مخلوق محل لمجاري مقادير الله؟.

فإن قلت: إن النفس تؤثر ذلك، عند تعلق القصد منها إليه، قلنا: هذا فاسد من ثلاثة أوجه (٥): الأول: إن هذا ما يجب أن يثبت أولا، مشاهدة، أو بخبر (٦) صدق، يوجب العلم، وحينئذ تنسبه (٧) إلى الله إيجادا بالقدرة الأولية (٨) في الأصل، وتجعل النفس، وما تعلقت به محلا (٩) لمجاري مخلوقات الله. الثاني: إنه وإن كان (١٠) انكشفت له المعلومات، واتضحت له المعقولات، واستبصر بالحقائق، والكائنات، فليس في قوة القلب، تأثير في الإيجاد، وإنما غايته الإدراك، والكشف، فأما تعديه إلى الإيجاد، فلا يصح بحال. الثالث: إنك إن (١١) قلت: وجدناه (١٢) بالتجربة، فهذا عمر قد قال: يا سارية الجبل، وهذا الأوزاعي قال لرجل يعظه [و ١٣ب]: لو أطعت الله، وقلت لهذا الجبل ادن لجاءك، فتدكدك الجبل، وسعى حتى دنا من الأوزاعي،


(١) ب، د: - له.
(٢) د: + كل.
(٣) ج: الأول.
(٤) ب، ز: + الله.
(٥) ب، ج، ز: لا يصح من أوجه.
(٦) ب: لخبر.
(٧) ب، ج، ز: ينسب.
(٨) ج، ز: الأزلية.
(٩) د: مثلا.
(١٠) د: - كان.
(١١) ب، ج، ز: قد.
(١٢) ب، ج، ز: وجدنا.

<<  <   >  >>