للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقلت (١): مثل الأمير في منصبه، وفهمه لا يرضى بهذا، فقال لي: وما هو؟ قلت: حكمت علي بأني أقول: إن الله تعالى (٢) عالم بعلم، ولم تسمع (٣) ذلك مني، ولا شهد (٤) بذلك عندك علي، ولو سمعته (٥)، فمن أدب الجدال السؤال أولا عن المذهب، ثم بعد ذلك عن الدليل على صحته، فقال لي: قد علمت بالسماع المتواتر أنك أشعري، قلت: هذان وهمان، أحدهما: أن الخبر المتواتر لا يوجب عندك شيئا، وهو مذهب الإمامية، الثاني: أنك (٦) إذا (٧) سمعت أني أشعري، كيف حكمت بأني مقلد له في جميع قوله؟ (٨) وهل أنا إلا ناظر من النظار أدين بالاختيار، وأتصرف في الأصول بمقتضى الدليل؟ فبأن سمعت أني ناظرت في مسائل على مذهب الأشعري حكمت فيما لم تسمع، بما سمعت، أي نوع هذا من النظر؟ (٩) مثلك لا يرضى به في جلالة منصبه، فصرف وجهه إلى أبي الفتح شيخ الإمامية بها وهو كان جليسي، ومناظري أيام [و ٢١ أ] كوني بها، في كل وقت فسارره، فأخذت من تحريك شفتيه، أنه قال له: هذا صبي لا يطاق، فلما فهمتها، استزدت استرسالا، وأفضت في الكلام إدلالا (١٠)، فقلت: وكان من حق الأمير أن يقبل على مسائله المختصة به، ولا يسألني أولا عن مسألة ليست له، وإنما هي من مسائل المعتزلة، فأردت أن تجادلني بكلامهم، وأن تفاوضني (١١) بحجاجهم، وتركت ما يختص بك دونهم كمسألة عصمة الإمام، وكونه المرجوع إليه، والمحكوم في الدين بقوله، فهلا بدأت بها، وأظهرت علمك فيها، وفخرت على قومك بالكلام عليها (١٢)، فلما رأى الشدة في الحدة، وقد تحلقت علينا الأجناد والعسكرية، وتشوفت (١٣) القافلة، وخاف الظهور عليه، حل حبوة الجدال، ولاطف في


(١) ب، ج، ز: قلت.
(٢) ب، ج، ز: - تعالى.
(٣) ب، ج، ز: يسمع.
(٤) ب، ج، ز: شهدت.
(٥) د: - ولو سمعته. وكتب على الهامش.
(٦) ج، ز: - إنك.
(٧) ج، ز: إذ.
(٨) د: - في جميع قوله. وصحح في الهامش.
(٩) ج: - من النظر.
(١٠) ب: إذلالا.
(١١) ب، ج، ز: تقاومني.
(١٢) ج، ز: فيها.
(١٣) ج، ز: وتسوفت. ب: وستوفت.

<<  <   >  >>