للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلمناها، وكانوا مغمورين (١) بالحق مقهورين، إلى أن أنشأ الله بني برمك: يحيى بن خالد (٢)، ومحمد بن خالد، فملك الوالي أمر الدين إياهما، وجعل الخلافة بأيديهما، فكان محمد بن خالد حاجبها، ثم كان وزيرها، وصاحب أمرها كله يحيى بن خالد ثم ابنه جعفر بن يحيى (٣)، وكانوا باطنية يعتقدون رأي الفلاسفة، فكادوا الدين، وأحيوا (٤) المجوسية، واتخذوا البخور في المساجد، وإنما كانت تطيب بالخلوق، فزادوا التجمير ليعمروها [و ٢٣ ب]، بالنار منقولة، حتى يجعلوها عند الإنس (٥) ببخورها (٦) ثابتة (٧)، وتمكن العجم من إفساد دولة العرب، والملحدة من الملة، والعبيد من الأحرار، وقد كان يضمرون لها (٨) حقدا، وينتظرون (٩) لفسادها (١٠) وقتا، فانتقوا كل ضيق العطن، مخلوع الرسن، وأظهروا الآراء الفلسفية بعد خفائها، وجلبوا الناس إلى أنفسهم بعظيم العطاء، وسعة الإفضال، والتمكن من الملك، والإدناء من مقار العز، فنفقت بعد كسادها، وعادت بعد نفادها، ولحظوا الخلق بعين التنفير (١١)، ليأخذوا من يوافقهم على هذا النظير (١٢)، فاعتاموا منهم من لا يهدي، ولا يهتدي وصح (١٣):

عن المرء لا تسل وسل عن قرينه...فكل قرين بالمقارن يقتدي (١٤)

وعقدوا مجلسا للضلال باسم الهدى، ونصبوا على الإسلام لذلك موعدا، يحضر فيه من ينتحل علم الكلام من أصحابهم (١٥) المنتدبين للطعن على أهل الإسلام، أولى عقائد فاسدة ونحل مضلة، وكان من رؤوس


(١) د: مقمورين. وكتب على هامش ز: وقد ذكر المقريزي في خططه ما حاصله.
(٢) توفي سنة ١٩٠هـ / ٨٠٥م في سجن هارون الرشيد (العبر، ج ١ ص٣٠٦).
(٣) قتله هارون الرشيد سنة ١٨٧هـ/ ٨٠٢م (العبر، ج ١ ص٢٩٨م).
(٤) ج، ز: واحبوا.
(٥) ج، ز; الإنسان.
(٦) بخروها.
(٧) ج، ز: ثانية.
(٨) ب، ج، ز: لنا.
(٩) ب: ممتطرون.
(١٠) ب، ج، ز: إفسادها.
(١١) ج: التعبير.
(١٢) ب، ج، ز: كتب على الهامش: النكير. د: النكير.
(١٣) ب: - وصح. ج، ز: + شعر.
(١٤) ج، د ز: مقتدى.
(١٥) ج: - من أصحابهم.

<<  <   >  >>