للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعنى فيه أنه لو قدر عليه لم يدر لعله قد جار أو كذب فيما مضى أو يجوز ويكذب في المستقبل أو قد جار الآن في بعض أطراف الأرض (١) ولم يكن لنا من جوره وكذبه أمان، إلا من جهة حسن الظن به، فأما دليل يؤمننا من وقوع ذلك منه، فلا سبيل إليه، فقال له الأسواري (٢): يلزمك على هذا الاعتلال أن لا يكون قادرا على ما علم أنه لا يفعله، وأخبر بأنه لا يفعله (٣)، لأنه لو قدر على ذلك لم نأمن (٤) وقوعه منه، فيما مضى أو (٥) في المستقبل. قال له النظام: هذا لازم، فما قولك فيه؟ فقال: أنا أسوي بينهما، فأقول: إنه لا يقدر على فعل ما علم أنه لا يفعله، ولا على ما لو فعله لكان ظلما منه. فقال النظام للأسواري: قولك هذا الحاد وكفر، فقال أبو الهذيل للأسواري: ما تقول في فرعون ومن علم الله سبحانه [و ٢٥ أ]، منهم أنهم لا يؤمنون؟ هل كانوا قادرين على الإيمان أم لا؟ فإن زعمت (٦) أنهم كانوا قادرين عليه، فما يؤمنك من أن تكون (٧) قد وقع من بعضهم ما علم الله أنه لا يفعله؟ أو (٨) أخبر عنه بأنه لا يفعله على قود (٩) اعتلالك، واعتلال النظام، وإنكار كما قدرة الله على الظلم والكذب، فقالا: هذا لازم لك (١٠) فما جوابك عنه؟ فقال: أنا أقول: إن الله تعالى قادر على أن يظلم، ويكذب، وعلى أن يفعل (١١) ما علم أنه لا يفعله، فقالا له: أرأيت لو فعل الظلم والكذب كيف كان حال الدلائل التي دلت على أن الله لا يظلم ولا يكذب؟ فقال: هذا محال، فقالا له: كيف يكون المحال مقدورا لله تعالى؟ ولم أحلت وقوع ذلك منه مع كونه


(١) نص التبصير: إنه ليس بقادر على ذلك إذ لو قدر عليه لم يأمن أن يقع منه ظلم أو كذب فيما مضى، أو يقع ذلك في المستقبل، أو وقع أو يقع ذلك في طرف من أطراف الأرض (التبصير، ص ٥٤).
(٢) علي الأسواري (ابن قتيبة، مختلف الحديث، ص ٣٧) لا يعرف تاريخ وفاته عل ما نعلم. صحب أبا الهذيل العلاف والنظام فهو من أهل القرن الثالث.
(٣) ب: أخبرنا به لا بفعله، ج، ز: أخبرنا به أنه لا يفعله.
(٤) ج، ز: يأمن.
(٥) ج: وفي.
(٦) د: زعمتم.
(٧) د: - يكون
(٨) ب، ج، ز: و.
(٩) ب، ج، ز: قول. وعلق ابن باديس عليه بقوله: أو قود، لأن الاعتلال يقود إلى ما ذكر.
(١٠) د: - لك.
(١١) ب: - أن يفعل.

<<  <   >  >>