فهؤلاء دعاة قدرية عصرنا، وقد أقروا وعجز أسلافهم عن الجواب في هذه المسألة، ولو وفقوا للصواب فيها لرجعوا (١) إلى قول أصحابنا فإن (٢) الله تعالى (٣) قادر على كل مقدور، ولو وقع كل مقدور له منه، لم يكن ظلما منه، وأحالوا قدرته على كذب يصير به كاذبا، كما أحاله (٤) أصحابنا، ولتخلصوا (٥) عن الإلزام من الوجوه التي حكيناها.
واعتذر الجبائي في امتناعه عن الجواب في هذه المسألة بنعم أو بلا، فذكر مثل هذا السؤال في النبي (٦)، فقال: أخبرونا عن قولكم في النبي لو فعل ظلما أو (٧) كذب (٨)، كيف (٩) يكون حاله؟ وزعم أن الجواب في ذلك غير ممكن (١٠)، وهذا ظن منه. وجواب أصحابنا فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان معصوما عن الكذب والظلم، ولم يكن قادرا عليهما، ولا يجوز (١١) أن يقع منه ما لا يقدر عليه.
والمعتزلة كلهم غير النظام والأسواري قد وصفوا الله تعالى بالقدرة على الظلم والكذب، ثم عجزوا عن إظهار حكمه أن لو فعل مقدوره منهما.
قال القاضي أبو بكر (١٢) رضي الله عنه: فقد بينت لك (١٣) أحوال (١٤) هذه الطائفة الركيكة، إذا هزلوا تساخفوا (١٥) وتهتكوا، وإذا جدوا تحيروا وتخاذلوا، ثم أنشأت البرامكة (١٦) طامة عظيمة بأن كلفوا الأخباث (١٧) أيضا ترجمة كتبهم، طبا [و ٢٦ ب]، وطبيعة (١٨) بالعربية فتولى ذلك يهودي أو نصراني أو
= عن سؤال من سألكم والكذب عنه على جهل فاعله أو حاجته.