للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أضفتموه إلى الجماد، ولم تراقبوا (١) أن تقولوا (٢): إن جمادا فاعل، قوي محكم، فيلزمكم مثله في الاقترانات الموجودات في العالم كلها. [و ٣٣ أ] وأوقعها (٣) حجة، وأوضحها محجة، الأب والأم (٤) يتولد منهما (٥) الولد، فإذا أودع الأب النطفة في الرحم اقترن بذلك اختلاف الأوصاف على النطفة، وانسلاك الروح فيها، والقوى المحركة المدركة، ولا يقال إنها موجودة به، ولا مضافة إليه، وإن اقترن ذلك به، بل يحيلونها على الأول، بواسطة وبغير واسطة من أسماء يسمونها ملائكة (٦)، وماذا يقولون فيها من البهتان، ويتفوهون (٧) به من الطغيان، وذلك يلزمهم فيمن غمض عينيه، فلم ير شيئا ففتح عينيه فأدرك الألوان، يقولون (٨) إن فتح البصر ولد إدراك الألوان في العينين، وكذلك في نور الشمس مثله، وفي اقترانات لا تحصى كثرة (٩)، فبطل هذا التعلق جملة، ولكنهم لما رأوها ألفاظا اعتادوها فدكت بقلوبهم، حتى لم يستطيعوا أن ينزعوها عنها، وقد استوفينا ذلك في كتب الأصول وهذه نبذة منه.


(١) ب: يراقبوا.
(٢) ب: يقولوا.
(٣) ب، ز: وأوفقها، ج: وأوقفها.
(٤) متأثر في هذا بالإمام الغزالي. وقد جاء بنفس المثال وهو الأب والأم. في كتابه (تهافت الفلاسفة تحقيق سليمان دنيا، دار المعارف، القاهرة، ١٩٦٦ م، ص ٢٣٩ - ٢٥١). بل يأتي أبو بكر في بعض الأحيان بنفس لفظ الإمام الغزالي: فقد أتى بمثال الاحتراق كما أتى بمثال الأب والأم وعبر عن ذلك بقوله: "انسلاك الروح" وهو نفس تعبير الغزالي (تهافت الفلاسفة، ص ٢٤٥ السطر الأخير من المتن. وكذلك مثال أبصار العين، ص ٢٤١ - ٢٤٢. والقوى المحركة والمدركة، ص ٢٤١. ونور الشمس، ص ٢٤٢).
(٥) ب، د، ز: بيهما.
(٦) ز: كتب على الهامش: قلت رأيت في كتاب الملل والنحل للشهرستاني أن جميع القوى الموجودة في المخلوقات كلها هي أرواح في غاية الدقة واللطافة مخلوقة من جملة الملائكة يودع الله منها ما شاء فيما شاء من مخلوقاته بحسب ذواتها وقوابلها ليظهر أثرها في العالم بمقتضى التدبير الإلهي والله أعلم بذلك وبسند نقله. هـ.
(٧) ب: ينصرهون، ج: تنفرهون، ز: يتفرهون.
(٨) ب: فيقول. ج، ز: فنقول.
(٩) ب، ج، ز: كثيرة.

<<  <   >  >>