للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَالي الهمةِ شِريف النفسِ يَعُرِف قَدْرَ نَفسِهِ

أُثِر عن العرب أخبار كثيرة فيها إعظامهم شرف النفس، فمنها:

ما حكاه العُتبيُّ عن أبيه قال:

أهدى ملك اليمن عشر جزائر (١) إلى مكة، وأمر أن ينحرها أعزُّ قرشي، فقدِمَتْ، وأبو سفيان عروس بهند بنت عتبة، فقالت له: "أيها الرجل، لا يَشغلنَّك النساء عن هذه المكرمة التى لعلها أن تفوتك"، فقال لها: "يا هذه، دَعي زوجَك وما يختاره لنفسه! والله ما نحرها غيرى إلا نحرتُه! "، فكانت في عُقُلِها (٢)، حتى خرج أبو سفيان في اليوم السابع، فنحرها.

ومن شرف النفس وعلو الهمة ما قالته هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان وأم معاوية -رضي الله عنهم- حين أتاها نعي يزيد بن أبي سفيان، وقال لها بعض المُعَزِّين: "إنا لنرجو أن يكون في معاوية خلف من يزيد"، فقالت هند: "أو مثل معاوية يكون خَلَفًا من أحد؟ والله لو جمعت العرب من أقطارها، ثم رُمَي به فِيها، لخرج من أي أعراضها شاء".


(١) جزائْر وجُزُر: جمع جَزُور، ما يصلُح لأن يُذبح من الإبل.
(٢) العُقُل: جمع العِقال، الحبل الذي يُعقل به البعير، يقال: عَقَلَ البعير إذا ضم رسغ يده إلى عَضُده، ورَبَطهما معًا بالعقال ليبقى باركًا.

<<  <   >  >>