إن كبير الهمة كائن متميز في كل خصائصه، حتى في ندمه، فبينما يندم خسيس الهمة لفوات لذاته، أو يتحسر لفراق شهواته، فإن لكبير الهمة شأنًا آخر حتى وهو يندم، كما تنبىء عنه المواقف التالية:
- فهو يتحسر على ساعة مرت به في الدنيا، لا لأنه عصى الله فيها، وإنما لأنه لم يعمرها بذكر الله -عز وجل-: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس يتحسر أهل الجنة على شيءٍ، إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله -عز وجل- فيها".
وكان عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يصلي على الجنازة ثم ينصرف، فلما بلغه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"من اتبع جنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا حتى يُصَلَّى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن (وفي رواية: حتى يُفرغ منها) فله قيراطان من الأجر"، قيل:"يا رسول الله وما القيراطان؟ "، قال:"مثل الجبلين العظيمين"، (وفي رواية: كل قيراط مثل أحد)، وكان قد أخذ ابن عمر قبضة من حصى بالمسجد يقلبها في يده، فلما بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاله، ضرب بالحصى الذي كان في يده الأرض، ثم قال:"لقد فرطنا في قراريط كثيرة".
- وهذا سيف الله المسلول "خالد بن الوليد" -رضي الله عنه -.
يتحسر لموته على فراشه، فقد قال لما حضرته الوفاة:
"لقد شهدت كذا، وكذا زحفًا، وما في جسدي موضع إلا وفيه