للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سِيمَاهُم في كَلاَمِهِم كَمَا هِيَ في وجُوهِهِمُ

وربما أنطق الله سبحانه الغلامَ الحدثَ بما يعجز عنه فطاحلُ الأدباء، فيصير ذلك علامةً كاشفة لما أودع الله بين جنبيه من الحكمة، وما متَّعه به من الذكاء:

* وقد رُوي عن معمر في تفسير قوله تعالى: {وَآتيناه الحكم صبيًّا} أن الصبيان قالوا ليحيى: "اذهب بنا نلعب"؛ فقال: "ما لِلَّعِبِ خُلِقْتُ" (١).

* وقال الشيخ يسين بن يوسف المُرَّاكشي: (رأيت الشيخ (٢) -وهو ابن عشر سنين- بنوى، والصبيان يُكرهونه على اللعب معهم، وهو يهرب منهم، ويبكى لإكراههم، ويقرأ القرآن في تلك الحال، قال: فوقع في قلبي محبته، وجعله أبوه في دكان، فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء عن القرآن، قال: فأتيت الذى يقرئه القرآن توصية به، وقلت له: "هذا الصبي يُرجَى أن يكون أعلم أهل زمانه، وأزهدهم، وينتفع الناس به"، فقال لي: "أمنجم أنت؟ "، فقلت: "لا، وإنما أنطقني الله بذلك"، فذكر ذلك لوالده، فحرص عليه إلى أن ختم القرآن وقد ناهز الاحتلام) (٣).


(١) "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١١/ ٨٧).
(٢) يعني الإمام أبا زكريا يحيى بن شرف النووي رحمه الله.
(٣) "طبقات الشافعية" (٨/ ٣٩٦ - ٣٩٧).

<<  <   >  >>