للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نوح، إني لأرجو أن يكون قد خُتِم له بخير، قال لي ذات يوم: "يا أبا عبد الله! اللهَ اللهَ، إنك لست مثلي؛ أنت رجل يُقتدى بك، قد مَدَّ الخلق أعناقهم إليك؛ لما يكون منك، فاتق الله، واثبت لأمر الله"، فمات، وصليت عليه، ودفنته) (١).

بل إن من لم يتصل مباشرة بالِإمام كان معه بوجدانه، يتحسر لعدم مشاركته إياه العذاب والآلام: (قيل لبشر بن الحارث الحافي يوم عُذِّب الِإمام أحمد:

"قد ضُرِب أحمد بن حنبل إلى الساعة سبعة عشر سوطًا،، فمدَّ بشر رجله، وجعل ينظر إلى ساقيه، ويقول: "ما أقبح هذا الساق أن لا يكون القيد فيه نصرة لهذا الرجل! ") (٢).

وقال الذهبي: إن الحافظ القاسم بن محمد البِرْزالي رحمه الله (هو الذي حبَّب إليَّ طلب الحديث، فإنه رأى خَطِّي، فقال: "خطك يُشبه خَطَّ المحدثين"، فأثر قوله فيَّ، وسمعت منه، وتخرَّجْت به في أشياء).

* ومن أسباب الارتقاء بالهمة: المبادرة والمداومة والمثابرة في كل الظروف، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}، وقال عز وجل: {وجاهدوا في الله حق جهاده}، وقال سبحانه: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}.

فكبير الهمة لا يستنيم للأمر الواقع، بل يبادر ويبادئ في أقسى الظروف حماية لهمته من أن تهمد، ووقاية لها من أن تضمر، واستثمارًا


(١) "السابق" (١١/ ٢٤٢).
(٢) "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص (١١٩).

<<  <   >  >>