من أعظم ما يهتم به الداعية هداية قومه، وبلوغ الجهد في النصح لهم، كما يتضح ذلك جليًّا لمن تدبر سورة نوح على سبيل المثال، وكذا قصص سائر المرسلين، حتى خاتمهم وسيدهم محمد - صلى الله عليه وسلم-، وكذا أتباعهم كمؤمن آل فرعون الذي قال لقومه:{يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا}، وكحبيب النجار الذي حمل هَم دعوة قومه في الحياة، وأبلغ في النصح لهم بعد الاستشهاد:{قال يا ليت قومي يعلمون * بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين}.
إذا تأملت قوائم عظماء رجالات الِإسلام من الرعيل الأول فمن بعدهم لرأيت أن "علو الهمة" هو القاسم المشترك بين كل هؤلاء الذين اعتزوا بالإسلام، واعتز بهم الإسلام، ووقفوا حياتهم لحراسة الملة وخدمة الأمة، سواء كانوا علماء أو دعاة أو مجددين أو مجاهدين أو مربين أو عُباد صالحين، ولو لم يتحلوا بعلو الهمة لما كان لهم موضع في قوائم العظماء، ولما تربعوا في قلوب أبناء ملتهم، ولا تزينت بذكرهم صحائف التاريخ، ولا جعل الله لهم لسان صدق في الآخرين.
وأسوتهم في حمل هَمِّ الأمة -بل في كل باب من أبواب الخير-