فإذا أمكنت فبادِرْ إليها ... حَذَرًا من تعذر الإمكانِ
ومن أخَّرَ الفرصة عن وقتها، فليكن على ثقة من فوتها:
إذا هبَّت رياحك فاغتنمها ... فعقبى كل خافقة سكون
ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الأسوة، فإنه لما خرج مهاجرًا إلى المدينة ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه لقيا في طريق الهجرة بريدة بن الحصيب الأسلمي في ركب من قومه فيما بين مكة والمدينة، فدعاهم إلى الإسلام فأسلموا (١)، فلم يشغله مطاردة قريش إياه عن واجب الدعوة إلي الله.
وهذا يوسف الصديق عليه السلام يبادر إلى استثمار الفرصة فيغتنم سؤال السجينين عن رؤياهما ليبث إليهما دعوة التوحيد من وراء الأسوار:{يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خيرٌ أم الله الواحد القهار} الآيات.
وأملى شمس الأئمة السَّرَخْسِي كتابه "المبسوط" نحو خمسة عشر مجلدًا، وهو في السجن بـ "أوزجند"، كان محبوسًا فِي الجُبِّ بسبب كلمة نصح بها الخاقان، وكان يملي من خاطره من غير مطالعة كتاب وهو في الجبِّ، وأصحابه في أعلى الجب، وقال عند فراغه من شرح العبادات:"هذا آخر شرح العبادات بأوضح المعاني وأوجز العبارات، إملاء المحبوس عن الجمع والجماعات".
وقال في آخر شرح الإقرار: "انتهى شرح الإقرار المشتمل من المعاني