للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم -عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام- حين دعا ربه {ربِّ السجن أحب إلَّي مما يدعونني إليه}، وحين قال لرسول المَلِك: {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهنَّ إن ربي بكيدهن عليم}، ولا عجب فإن من يصبر فيما له ألا يصبر فيه، وهو الخروج من السجن، مع توفر الدواعي على الخروج منه، فأولى به أن يصبر فيما يجب عليه أن يصبر فيه من الهم بامرأة العزيز.

قيل لرجل: "لي حُوَيْجَة"، فقال: "اطلبوا لها رُجَيلًا".

وقيل لآخر: جئناك في حاجة لا ترزؤك (١)، فقال: "هلا طلبتم لها سفاسف الناس؟ " (٢).

وقد قيل لبعض العلماء: لي سؤال صغير، فقال: "اطلب له رجلًا صغيرًا".

ومن علو الهمة وشرف النفس ماروي عن "قطب السخاء" "عبد الله بن جعفر بن أبي طالب" فقد سألته امرأة، فأعطاها مالًا عظيمًا، فقيل له:

"إنها لا تعرفك، وكان يرضيها اليسير"، فقال: "إن كان يرضيها اليسير، فأنا لا أرضى إلا بالكثير، وإن كانت لا تعرفني، فأنا أعرف نفسي".

وسأله سائل بينا يهم بركوب ناقتِه، فنزل له عنها، وعما فوقها،


(١) يقال: رَزَأهُ ماله: إذا أصاب منه شيئًا، فنقصه.
(٢) فإذا كان أهل الأنفة من أرباب الدنيا يقولون هذا، فكيف لا يطمع أهل الدين في فضل الجواد الكريم؟!

<<  <   >  >>