عليه، فقد قال الخطابي:(ازدحم أصحاب الحديث على هشيم، فطرحوه عن حماره، فكان سبب موته).
وكان أبو بكر بن الخياط النحوي -رحمه الله تعالى- يدرس جميع أوقاته، حتى في الطريق، وكان ربما سقط في جُرْفٍ، أو خبطته دابة! وحكي عن "ثعلب" أنه كان لا يفارقه كتاب يدرسه، فإذا دعاه رجل إلى دعوة، شرط عليه أن يُوسِع له مقدار مِسْوَرة -وهي المتكأ من الجلد- يضع فيها كتابًا، ويقرأ.
وكان سببُ وفاته أنه خرج من الجامع يوم الجمعة، بعد العصر، وكان قد لحقه صَمَمٌ، لا يَسمع إلا بعد تعب، وكان في يده كتاب ينظر فيه في الطريق، فصدمته فرسٌ فألقته في هوة، فأخرج منها وهو كالمختلِط، فحُمل إلى منزله على تلك الحال، وهو يتأوه من رأسه، فمات ثاني يوم، رحمه الله تعالى.
وهذا الإمام "بَقيٌّ بن مَخْلَد الأندلسي" الذي رحل إلى بغداد ماشيًا على قدميه، وكان جُلُّ بغيته أن يلقى إمام أهل السنة أحمد بن حنبل -رحمه الله -، ليأخذ عنه العلم، حُكي عنه أنه قال: (لما قَرُبتُ من بغداد اتصل بي خبرُ المحنة التي دارت على أحمد بن حنبل، وأنه ممنوع من الاجتماع إليه والسماع منه، فاغتممتُ بذلك غمًّا شديدًا، فاحتَللتُ الموضع، فلم أعرج على شيء بعد إنزالي متاعي في بيت اكتريتُه في بعض الفنادق أن أتيتُ المسجد الجامع الكبير، وأنا أريد أن أجلس إلى الخَلْق وأسمع ما يتذاكرونه.
فدُفِعتُ إلى حلقة نبيلة، فإذا برجل يكشف عن الرجال، فيُضعِّفُ ويُقوِّي، فقلت:"من هذا"؟ لمن كان قربي، فقال: "هذا يحيى بن