للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(ألست تبغي القرب منه؟ فاشتغل بدلالة عباده عليه، فهي حالات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، أما علمت أنهم آثروا تعليم الخلق على خلوات التعبد، لعلمهم أن ذلك آثر عند حبيبهم) و (هل كان شغل الأنبياء إلا معاناة الخلق، وحثهم على الخير، ونهيهم عن الشر) اهـ.

وها هو رحمه الله يقارن بين الشجعان الذين يخالطون الناس لدعوتهم، ويصبرون على أذيتهم، وبين المتخاذلين المعتزلين القاعدين عن الدعوة إلى الله تعالى، فيقول:

(الزهاد في مقام الخفافيش، قد دفنوا أنفسهم بالعزلة عن نفع الناس، وهي حالة حسنة إذا لم تمنع من خير، من جماعة واتباع جنازة وعيادة مريض.

إلا أنها حالة الجبناء. فأما الشجعان فهم يتعلمون ويعلمون. وهذه مقامات الأنبياء عليهم السلام).

وهذا الشيخ الداعية القدوة عبد القادر الكيلاني الذي [تكلم كثيرًا، وصاح بأهل العراق صيحات بليغة رفيعة المعنى والمبنى، وينتشل لنا أحد تلامذته من تلك الصيحات كلمات يدونها سريعًا والإمام يخطب خطبه الأسبوعية سنة ٥٤٥ هـ، ويودعها كتابًا سماه (الفتح الرباني والفيض الرحماني) قد تجد فيه ما يجب رده، لكنه مملوء بصيحات الحق، والالتفاتات القيمة، والتشديد على وجوب الدعوة والأمر والنهي.

فاسمع من صيحات الحق هذه قول عبد القادر رحمه الله أن:

(المتزهد المبتدي في زهده يهرب من الخلق، والزاهد الكامل في زهده لا يبالي منهم، لا يهرب منهم، بل يطلبهم، لأنه يصير عارفًا لله عز وجل، ومن عرف الله لا يهرب من شيء، ولا يخاف من شيء سواه.

<<  <   >  >>