للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المآل، لا إلى الحال، وشدة ابتلاء أحمد دليل على قوة دينه، لأنه قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يبتلى المرء على حسب دينه"، فسبحان من أيده وبصَّره وقواه ونصره) اهـ.

قال ابن طاهر المقدسي الحافظ:

سمعت الإمام أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري بهراة يقول:

"عُرِضْتُ على السيف خمس مرات، لا يقال لي: ارجع عن مذهبك، لكن يقال لي: اسكت عمن خالفك، فأقول: لا أسكت" (١).

إن الداعية الكبير الهمة لا ينكر المنكر فحسب، بل ينكر على أهل النكر منكرهم، أي أنه لا يعرف التعميم، ولا التورية إنه يمد أصبعه يشير إلى الطاغوت بالاتهام، ويرفع صوته يعلن فضيحة الكفر الذي أمامه، باسمه، ورقمه، وعنوانه، ثم لا يلبث الإصبع الواحد حتى تنفتح معه بقية الخمس، فتكون يد التغيير من بعد إصبع الاتهام (٢).

وقال الذهبى في ترجمته لأبي بكر النابلسي: قال أبو ذر الحافظ: سَجَنه بنو عُبيد، وصلبوه على السنَّة، سمعتُ الدارقطنَّي يذكره ويبكي، ويقول: كان يقول، وهو يُسْلَخ: {كان ذلك في الكتاب مسطورًا} قال أبو الفرج بن الجوزي: أقام جوهر القائد لأبي تميم صاحب مصر أبا بكر النابلسي، وكان ينزل الأكواخ فقال له: بلغنا أنك قلت: إذا كان مع الرجل عشرةُ أسهم، وجب أن يرميَ في الروم سهمًا، وفينا تسعة،


(١) "الآداب الشرعية" لابن مفلح (١/ ٢٠٧).
(٢) "المنطلق" ص (١٩٨).

<<  <   >  >>