كي يشبوا أصحاء نفسيًّا، وإلا فما أفدح الخسائر التي تتكبدها الأمة إذا هي أهملت تربية أبنائها!
وأول قلعة يتحصن بها الطفل هي الأسرة، أقوى مؤسسة تربوية على الِإطلاق، والوالدان بصفة خاصة، قال الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله:"والصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة، فإن عُوِّد الخير وعُلِّمَه نشأ عليه، وسَعِدَ في الدنيا والآخرة، وإن عُوِّد الشر، وأُهمِلَ إهمالَ البهائم شقي وهلك. ... وصيانته بأن يؤدِّبَه، ويهذبه، ويعلمه محاسن الأخلاق ... "، وقال الِإمام المحقق ابن القيم رحمه الله تعالى:"وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد، رأيت عامته من قبل الآباء".
وفي هذا أنزل الله تعالى آية من كتابه تتلى في المحاريب إلى آخر الزمن، قال عز وجل:{يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}، قال أمير المؤمنين على رضي الله عنه:"علِّموا أنفسكم وأهليكم الخير، وأدِّبوهم".
وعن أنس رضي الله عنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إن الله تعالى سائلٌ كلَّ راعٍ عما استرعاه: أحفظ ذلك أم ضيَّعه؟ حتى يَسأل الرجل عن أهل بيته"(١).
وعن معمَل بن يسار رضي الله عنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "ما
(١) رواه ابن حبان، وابن عدي في "الكامل"، وأبو نعيم في "الحلية"، وصححه الحافظ في "الفتح" (١٣/ ١١٣).