(٢) وعلق الشيخ محمد أبو زهرة -عفا الله عنه- على اعتذار الإمامين قائلاً: "يرى ابن حزم أن كثرة المال وطيب العيش تسُدُّ مسالكَ العلم إلى النفوس، فلا تتجه إلى العلم، فإن الجِدَة قد تُسَهِّل اللهو، وتفتحُ بابه، وإذا انفتح بابُ اللهو سُدَّ بابُ النور والمعرفة، فلذائذ الحياة وكثرتها تطمس نور القلب، وَتُعمي البصيرة، وتَذهبُ بِحِدَّة الإدراك. أما الفقير -وإن شغله طلب القوت- قد سُدَّت عليه أبواب اللهو، فأشرقت النفس، وانبثق نور الهداية، هذا نظر ابن حزم. أما نظر الباجي فإنه متجه إلى الأسباب المادية من حيث تُسهل الحياة المادية، من غير نظر إلى الأسباب المادية النفسية التي تضمن أن الغنى يكون في كثير من الأحوال معه الانصرافُ عن العلم إلى اللهو، وقد توفرت ذرائعه" اهـ. من كتابه "ابن حزم" ص (٥٦).